تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

16

المفردات :

متقلبكم : تصرفكم وتقلبكم لأشغالكم في الدنيا .

ومثواكم : إما سكونكم ومأواكم إلى مضاجعكم في الليل ، وإما مأواكم في الجنة أو النار . أي : هو عالم بجميع أحوالكم في الدنيا والآخرة ، لا يخفى عليه شيء منها .

التفسير :

19- { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم } .

الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد كل من يتأتى منه العلم ، أي : ازدد يقينا وعلما وإيمانا بأن الكون جميعه ليس له إلا إله واحد ، هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، وكرر الاستغفار والتوبة والإنابة وطلب المغفرة ، وستر الذنوب ومحو السيئات ، وتثبيت الحسنات ، وادع الله أن يغفر لك وللمؤمنين والمؤمنات .

وقد أورد ابن كثير في تفسيره طائفة من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تدل على فضل الاستغفار ، ومنزلته العالية في مغفرة الذنب ، ومن هذه الأحاديث ما يأتي : -

في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت إلهي لا إله إلا أنت ) .

وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) .

{ والله يعلم متقلبكم ومثواكم } .

والله تعالى مطلع وعالم بمتقلبكم وتصرفاتكم في نهاركم ، ويعلم ، { مثواكم } . ومستقركم في ليلكم .

كقوله تعالى : { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار . . . } ( الأنعام : 60 ) .

وقوله سبحانه : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين } . ( هود : 6 ) .

وعن ابن عباس قال : { متقلبكم } . في الدنيا ، { ومثواكم } . في الآخرة .

وقال السدي : { متقلبكم } . في الدنيا ، { ومثواكم } . في قبوركم .

وأرى أن الآية تتسع لتناول الوجوه المذكورة كلها ، فالله سبحانه مطلع وعالم بحركاتنا بالنهار ومثوانا بالليل ، وهو عالم في نفس الوقت بحركتنا وعملنا في الدنيا ، ومثوانا في قبرونا ، ومآلنا في آخرتنا ، والله أعلم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

قوله تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } قيل : الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره ، وقيل : معناه فاثبت عليه . وقال الحسين بن الفضل : فازدد علماً على علمك . وقال أبو العالية وابن عيينة : هو متصل بما قبله معناه : إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا ملجأ ولا مفزع عند قيامها إلا إلى الله . وقيل : فاعلم أنه لا إله إلا الله ، إن الممالك تبطل عند قيامها ، فلا ملك ولا حكم لأحد إلا لله ، { واستغفر لذنبك } أمر بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستن به أمته . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أبي بردة ، عن الأغر المزني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة " . قوله عز وجل : { وللمؤمنين والمؤمنات } هذا إكراما من الله تعالى لهذه الأمة حيث أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لذنوبهم وهو الشفيع المجاب فيهم ، { والله يعلم متقلبكم ومثواكم } قال ابن عباس والضحاك : ( متقلبكم ) متصرفكم ومنتشركم في أعمالكم في الدنيا ، { ومثواكم } مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار . وقال مقاتل وابن جرير : { متقلبكم } منصرفكم لأشغالكم بالنهار ، { ومثواكم } مأواكم إلى مضاجعكم بالليل . وقال عكرمة :( متقلبكم ) من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات . ( ومثواكم ) مقامكم في الأرض . وقال ابن كيسان : ( متقلبكم ) من ظهر إلى بطن ، ( ومثواكم ) مقامكم في القبور . والمعنى : أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها .