إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

{ فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله } أي إذا علمتَ أنَّ مدارَ السعادةِ هو التوحيدُ والطاعةُ ومناطَ الشقاوةِ هو الإشراكُ والعصيانُ فاثبُتْ على ما أنتَ عليه من العلمِ بالوحدانيةِ والعملِ بموجبِه . { واستغفر لِذَنبِكَ } وهو الذي رُبَّما يصدرُ عنه عليه الصلاةُ والسلامُ من تركِ الأَوْلى ، عُبِّر عنه بالذنبِ نظراً إلى منصبِه الجليلِ ، كيفَ لا وحسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقربينَ وإرشادٌ له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى التواضعِ وهضمِ النفسِ واستقصارِ العملِ . { وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } أي لذنوبِهم بالدعاءِ لهم وترغيبِهم فيما يستدعي غفرانَهم . وفي إعادةِ صلةِ الاستغفارِ تنبيهٌ على اختلاف متعلقيه جنساً ، وفي حذفِ المضافِ وإقامةِ المضافِ إليهِ مُقامَهُ إشعارٌ بعراقتِهم في الذنبِ وفرطِ افتقارِهم إلى الاستغفارِ . { والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ } في الدُّنيا فإنَّها مراحلُ لا بُدَّ من قطعِها لا محالةَ . { وَمَثْوَاكُمْ } في العُقْبى فإنَّها موطنُ إقامتِكم فلا يأمرُكم إلا بما هو خيرٌ لكم فيهما فبادِرُوا إلى الامتثالِ بما أمركُم به فإنه المهمُّ لكم في المقامينِ وقيل يعلمُ جميعَ أحوالِكم فلا يَخْفى عليه شيءٌ منها .