محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

{ فاعلم أنه لا إله إلا الله } قال ابن جرير :{[6595]} أي فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة ويجوز لك وللخلق عبادته ، إلا الله الذي هو خالق الخلق ، ومالك كل شيء . يدين له بالربوبية كل ما دونه . والفاء فصيحة في جواب شرط معلوم ، مما مر من أول السورة إلى هنا ، من حال الفريقين .

قال السيوطيّ : وقد استدل بالآية من قال بوجوب النظر ، وإبطال التقليد في العقائد ، ومن قال بأن أول الواجبات ، المعرفة قبل الإقرار .

{ واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } قال ابن جرير :{[6596]} أي وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها ، وذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء .

قال الشهاب : وإنما أعيد الجار ، لأن ذنوبهم جنس آخر غير ذنب النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذنوبهم معاص كبائر وصغائر ، وذنبه ترك الأولى .

وقال السيوطيّ : استدل بالآية من أجاز الصغائر على الأنبياء . انتهى .

والمسألة مبسوطة بأقوالها ، ومالها وما عليها في ( الفِصَل ) لابن حزم . فارجع إليه .

وفي ( الصحيح ) {[6597]} أن رسول الله صلى الله عليه كان يقول : ( اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي / في أمري ، وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطاياي وعمدي ، وكل ذلك عندي ) .

وفي ( الصحيح ) {[6598]} أنه كان يقول في آخر الصلاة : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني . أنت إلهي لا إله إلا أنت ) .

وفي ( الصحيح ) {[6599]} أنه قال : ( يا أيها الناس ! توبوا إلى ربكم ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) .

{ والله يعلم متقلبكم ومثواكم } أي متصرفكم فيما تتصرفون فيه ، وإقامتكم على ما تقيمون عليه من الأقوال والأعمال ، فيجازيكم عليه .


[6595]:انظر الصفحة رقم 53 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.
[6596]:انظر الصفحة رقم 54 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.
[6597]:أخرجه البخاري في: 80 – كتاب الدعوات، 60 – باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت) حديث رقم 2404، عن أبي موسى الأشعري.
[6598]:أخرجه البخاري في: 19 – كتاب التهجد، 1 – باب التهجد بالليل، حديث رقم 613، عن ابن عباس.
[6599]:أخرجه البخاري في: 80 –كتاب الدعوات، 3 – باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة، حديث 2390، عن أبي هريرة.