الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

وقوله تعالى : { فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ الله } الآية : إضرابٌ عن أمْرِ هؤلاء المنافقين ، وذكر الأَهَمِّ من الأمر ، والمعنى : دُمْ على عِلْمِكَ ، وهذا هو القانُونُ في كُلَّ مَنْ أُمِرَ بشيْء هو مُتَلَبِّسٌ به ، وكُلُّ واحدٍ مِنَ الأُمَّةِ داخلٌ في هذا الخِطابِ ، وعن أبي هريرةَ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " مَا قَالَ عَبْدُ : لاَ إله إلاَّ اللَّهُ مُخْلِصاً ، إلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، حتى تُفْضِيَ إلَى الْعَرْشِ مَا اجتنبت الكَبَائِرُ " ، رواه الترمذي والنسائيُّ ، وقال الترمذيُّ واللفظ له : حديث حسن غريب ، انتهى من «السلاح » .

وقوله تعالى : { واستغفر لِذَنبِكَ } أي : لِتَسْتَنَّ أُمَّتُكَ بِسُنَّتِكَ .

( ت ) : هذا لفظ الثعلبيِّ ، وهو حَسَنٌ ، وقال عِيَاضٌ : قال مَكِّيٌّ : مخاطبةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ههنا هي مخاطبةٌ لأُمَّتِهِ ، انتهى .

قال ( ع ) : وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : " مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ ، فَليَسْتَغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ " وبَوَّبَ البخاريُّ رحمه اللَّه العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ ؛ لقوله تعالى : { فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ الله } .

وقوله تعالى : { واستغفر لِذَنبِكَ } الآية : وواجبٌ على كل مؤمن أنْ يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ؛ فإنَّها صَدَقَةٌ ، وقال الطبريُّ وغيره : { مُتَقَلَّبَكُمْ } : مُتَصَرَّفَكُمْ في يقظتكم { وَمَثْوَاكُمْ } منامكم ، وقال ابن عباس : { مُتَقَلَّبَكُمْ } تَصَرُّفُكُمْ في حياتكم الدنيا { وَمَثْوَاكُمْ } : إقامتكم في قبوركم ، وفي آخرتكم .