المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

وقوله تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } الآية إضراب عن أمر هؤلاء المنافقين وذكر الأهم ، والمعنى : دم على علمك ، وهذا هو القانون في كل أمر بشيء هو متلبس به ، وهذا خطاب للنبي عليه السلام ، وكل واحد من الأمة داخل معه فيه . واحتج بهذه الآية من قال من أهل السنة : إن العلم والنظر قبل القول ، والإقرار في مسألة أول الواجبات . وبوب البخاري رحمه الله العلم قبل القول والعمل لقوله تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } الآية ، وواجب على كل مؤمن أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من لم يكن عنده ما يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإنها صدقة ){[10368]} . وقال الطبري وغيره : { متقلبكم } تصرفكم في يقظتكم . { ومثواكم } منامكم . وقال ابن عباس : { متقلبكم } تصرفكم في حياتكم الدنيا . { ومثواكم } في قبوركم وفي آخرتكم .


[10368]:وقد روى مسلم وأحمد في صحيحهما، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس المخزومي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت من طعامه فقلت: يا رسول الله، غفر الله لك، فقال له صاحبي: هل استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم؟قال: نعم، ولك، ثم تلا هذه الآية:{واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}، ثم تحولت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه جُمعا عليه خيلان كأنه الثآليل. ومعنى"جمعا": مثل جمع الأصابع وضمها، والخيلان: جمع خال وهي الشامة في الجسد، والثآليل: جمع ثؤلول، وهي حبيبات تعلو الجسد. قال ابن كثير، وهذا الحديث رواه الترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طرق عن عاصم.