غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

19

التفسير : لما ذكر حال الفريقين المؤمن والكافر من السعادة والشقاوة قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : فاثبت على ما أنت عليه من التوحيد ومن هضم النفس باستغفار ذنبك أو ذنوب أمتك . أو المراد فاعلم خبراً يقيناً على ما علمته نظراً واستدلالاً . أو أراد فاذكر لا إله إلا الله . والهاء في { أنه } لله أو للأمر والشأن ، أو الأول إشارة إلى أصول الحكمة النظرية ، والثاني إلى أصول الحكمة العملية ، أمره بالحكمة العملية بعد الحكمة النظرية . عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم فتلا هذه الآية . وذلك أنه أمر بالعمل بعد العلم . والفاءات في هذه الآية وما تقدّمها لعطف جملة على جملة بينهما اتصال . وفي الآية نكتة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم له أحوال ثلاث : حال مع الله وهي توحيده ، وحال مع نفسه وهي طلب العصمة من الذنوب وأن يستر الله عليه جنس الآثام حتى لا يقع فيها ، وحال مع غيره وهي طلب ستر الذنوب عليهم بعد وقوعهم فيها أو أعم ويندرج فيها الشفاعة . ثم قال { والله يعلم متقلبكم ومثواكم } فقيل : التقلب في الأسفار والمثوى في الحضر . وقيل : أراد منتشركم في النهار ومستقركم بالليل . وقيل : الأوّل في الدنيا والثاني في الآخرة . وقيل : لكل متقلب مثوى فيتقلب من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ثم إلى الدنيا ثم إلى القبر ثم إلى الجنة أو النار . والمقصود بيان كمال علمه بحال الخلائق فعليهم أن لا يهملوا دقائق الطاعة والخشية ويواظبوا على طلب المغفرة خوفاً من التقصير في العبودية . ثم ذكر طرفاً آخر من نصائح أهل النفاق ومن ينخرط في سلكهم من ضعفة الإسلام ، وذلك أنهم كانوا يدّعون الحرص على الجهاد ويقولون بألسنتهم : { لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم } .

/خ38