فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

{ فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله } أي إذا علمت أن مدار الخير هو التوحيد والطاعة ، ومدار الشرّ هو الشرك والعمل بمعاصي الله ، فاعلم أنه لا إله غيره ، ولا ربّ سواه ، والمعنى : اثبت على ذلك واستمر عليه ، لأنه صلى الله عليه وسلم قد كان عالماً بأنه لا إله إلاَّ الله قبل هذا ، وقيل : ما علمته استدلالاً فاعلمه خبراً يقيناً . وقيل المعنى : فاذكر أنه لا إله إلاَّ الله ، فعبّر عن الذكر بالعلم { واستغفر لِذَنبِكَ } أي استغفر الله أن يقع منك ذنب ، أو استغفر الله ليعصمك ، أو استغفره مما ربما يصدر منك من ترك الأولى . وقيل : الخطاب له ، والمراد : الأمة ، ويأبى هذا قوله : { وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } فإن المراد به استغفاره لذنوب أمته بالدعاء لهم بالمغفرة عما فرط من ذنوبهم { والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ } في أعمالكم { وَمَثْوَاكُمْ } في الدار الآخرة ، وقيل : متقلبكم في أعمالكم نهاراً ، ومثواكم في ليلكم نياماً .

وقيل : متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات ، ومثواكم في الأرض ، أي مقامكم فيها . قال ابن كيسان : متقلبكم من ظهر إلى بطن في الدنيا ، ومثواكم في القبور .

/خ19