تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

4

المفردات :

فضرب الرقاب : أصله : اضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل ، وقدم المصدر .

أثخنتموهم : أكثرتم قتلهم وأغلظتموه ، أي جعلتموه ثخينا غليظا .

فشدوا الوثاق : فأسروهم ، وأحكموا قيد من أسرتموهم ، بعد إثخانهم بكثرة القتل وإضعافهم بالجراح ، والوَثاق والوِثاق : ما يوثق به ، أي : ما يربط به .

المن : إطلاق الأسير بغير عوض .

والفداء : إطلاق الأسير بعوض .

حتى تضع الحرب أوزارها : آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها كالسلاح ، وهو كناية عن انتهاء الحرب .

لانتصر منهم : لانتقم منهم بغير الحرب كالزلزلة .

ليبلو : ليبتلي ويصيب .

فلم يضل أعمالهم : فلن يضيعها .

التفسير :

4- { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } .

تشجع الآية المسلمين على الجهاد ، والقوة عند الحرب مع المشركين ، وأهل الكتاب المعتدين .

والمعنى :

إذا لقيتم الكافرين في الحرب فاحصدوهم حصدا ، واضربوا رقابهم ضربا قاتلا بالسيف ، حتى إذا تمكنتم منهم ، وأكثرتم فيهم القتل والجراح واستسلموا لكم .

{ فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها . . . }

أي : إحكام وثاق الأسرى حتى لا يفلتوا من أيديكم ولا يهربوا ، والإمام مفوض في اتخاذ الحل الأمثل والأنسب ، فله أن يمن عليهم ويطلق سراحهم بدون فداء وله أن يأخذ الفداء من الأسرى ، أو يبادلهم بأسرى المسلمين ، ونلاحظ أن قتل الكافرين مقيد بفترة الحرب ، فإذا انتهت الحرب ووقع جانب منهم في الأسر فلا يجوز أن يقتل الأسير .

أخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن الحسن ، قال : أُتي الحجاج بأُسارى ، فدفع إلى ابن عمر رجلا يقتله ، فقال ابن عمر : ليس بهذا أُمرنا ، إنما قال الله تعالى : { حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء . . . }

ومن ذلك نلمح روح الإسلام في الحرص على السلام ، فالحرب في الإسلام ضرورة لوقف العدوان ، وإزالة طواغيت الكفر ، ثم ترك الناس أحرار في عقيدتهم .

قال تعالى : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . . . } ( البقرة : 256 ) .

وقال عز شأنه : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله . . . } ( الأنفال : 61 ) .

{ حتى تضع الحرب أوزارها . . . }

حتى تنتهي الحرب ، وبعد الحرب أحكام يجب احترامها ، ومعاهدات يجب المحافظة عليها .

{ ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض . . . }

أي : ذلك هو الحكم في قتال الكافرين ، والغلظة والشدة في حربهم ، ولو أراد الله لانتصر منهم ، بإهلاكهم وتعذيبهم بما شاء من أنواع العذاب ، كالخسف والرجفة والغرق ، دون قتال منكم أيها المؤمنون ، لكن الله تعالى أراد امتحان المؤمنين وابتلاءهم بإيجاب القتال عليهم ، حتى يرى منهم امتثال أوامره ، والرغبة في الشهادة ، واحتمال الجهاد والقتال والجراح والآلام .

قال تعالى : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } . ( البقرة : 216 ) .

فالله تعالى يريد إعداد المؤمنين ، وخلق روح الكفاح والقتال فيهم ، وفي غزوة بدر رغب بعض المؤمنين في الاستيلاء على تجارة قريش عوضا عن أموالهم التي اغتصبها الكفار بمكة ، وأراد الله أن يجعل من بدر ملحمة ، حتى يحق الحق وينصر الإسلام ، بسبب بطولة المسلمين وجهادهم وبلائهم .

قال تعالى : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * وليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون } . ( الأنفال : 7 ، 8 ) .

{ والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم } .

إن هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم وأنفسهم ، وجادوا بها لنصر دين الله ، هؤلاء لن يذهب عملهم سدى ، ولن يضيع عملهم ولن يحبط ، ولن يفقد ثوابه وجزاءه ، وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين )3 .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

{ فإذا لقيتم الذين كفروا } أمر بجهادهم بعد بيان خسرانهم . والمراد بهم : المشركون ومن لا ذمة لهم من أهل الكتاب . { فضرب الرقاب } أي فاضربوا رقابهم ضربا في الحرب ؛ فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه مضافا إلى المفعول به . وهو مجاز عن القتل ، وعبر به عنه لتصوير القتل بأبشع صورة ، وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وأشرف أعضائه . { حتى إذا أثخنتموهم } أكثرتم فيهم القتل ، وأوهنتموهم بالجراح ، ومنعتموهم النهوض والحركة . { فشدوا الوثاق } فأحكموا قيد من أسرتموهم ؛ لئلا يفلتوا منكم . يقال : أثخن في الأرض إثخانا ، سار إلى العدو وأوسعهم قتلا .

وأثخنته : أوهنته بالجراحة وأضعفته . والوثاق – بالفتح والكسر - : اسم لما يوثق به ؛ كالقيد والحبل ونحوه . وجمعه وثق ؛ كعناق وعنق . { فإما منا بعد وما فداء } أي فإما تمنون عليهم بعد الأسر بالإطلاق منا ، وإنا تفدون فداء . والمن : الإطلاق بغير عوض . يقال : من عليه ؛ إذا أثقله بالنعمة ، واصطنع عنده صنيعة . والفداء : ما يفدى به الأسير من الأسر . والآية محكمة على ما ذهب إليه جمهور الأئمة .

وذهب الحنفية إلى أنها منسوخة بآية " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " {[325]} . { حتى تضع الحرب أوزارها } أوزار الحرب : آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها ؛ كالسلاح والكراع ، وغير ذلك من الآلات المعروفة في الحروب قديما وحديثا . ووضعها كناية عن انقضاء الحرب بهزيمة العدو أو بالموادعة . و " حتى " عند الجمهور غاية للضرب أو للشد ، أو للمن والفداء معا ، أو للمجموع من قوله " فضرب الرقاب " إلى آخره . بمعنى أن هذه الأحكام جارية فيهم ، حتى لا تبقى حرب مع المشركين بزوال شوكتهم . وعند الحنفية غاية للمن والفداء إن حملت الحرب على حرب بدر ؛ أي يمن عليهم ويفادون حتى تضع الحرب أوزارها . وغاية للضرب والشد إن حملت على جنس الحرب ؛ أي أنهم يقتلون ويؤسرون حتى لا تبقى حرب مع المشركين ، بمعنى ألا يبقى لهم شوكة . وتفصيل المذاهب في الفقه .

{ ولكن ليبلوا بعضكم ببعض } أي ولكن أمركم الله بالقتال ليختبر بعضكم ببعض ؛ فيمتحن المؤمنين بالكافرين تمحيصا للمؤمنين . ويمتحن الكافرين بالمؤمنين تمحيقا للكافرين .


[325]:آية 5 التوبة.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

فضرب الرقاب : فاضربوا رقابهم ضرباً واقتلوهم .

أثخنتموهم : أكثرتم فيهم القتل .

فشدّوا الوثاق : فأسِروهم واربطوهم . الوثاق بفتح الواو وكسرها ما يوثق به .

فإما منّاً بعدُ وإما فداء : فإما أن تطلقوا سراحهم بدون فداء ، وإما أن يفدوا أنفسهم بشيء من المال .

حتى تضع الحرب أوزارها : حتى تنتهي الحرب ، الأوزار : أثقال الحرب من سلاح وغيره .

ثم بعد ذلك ذكر الله تعالى هنا وجوبَ القتال وأذِن به بعد أن استقر المؤمنون في المدينة ، وبدأوا في تأسيس الدولة الإسلامية . وتبين هذه الآية والآياتُ التي قبلها مشروعيةَ القتال للدفاع عن العقيدة والوطن . فإذا لقيتم الذين كفروا في الحرب فاضرِبوا رقابَهم ، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل فيهم فأحكِموا قيد الأسرى ، وبعد ذلك لكم الخيار : إما أن تُطلقوا الأسرى أو بعضَهم بغير فداء وتمنُّوا عليهم بذلك ، وإما أن تأخذوا منهم الفدية ، أو تبادلوا بهم بالمسلمين ممن يقع في الأسر . وليكن هذا شأنكم مع الكافرين حتى تنتهي الحرب وتضع أوزارها .

ثم بين الله تعالى أن هذه هي السنّة التي أرادها من حرب المشركين ، ولو شاء لانتقم منهم بلا حرب ولا قتال ، ولكنه ليختبر المؤمنين بالكافرين شرع الجهاد .

قراءات :

قرأ أهل البصرة وحفص : والذين قُتلوا . بضم القاف وكسر التاء . والباقون والذين قاتلوا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

{[59320]}ولما تحرر أن{[59321]} الكفار أحق الخلق بالعدم{[59322]} لأن الباطل مثلهم{[59323]} وحقيقة حالهم{[59324]} ، سبب عنه قوله : { فإذا لقيتم } أي أيها المؤمنون { الذين كفروا }{[59325]} ولو بأدنى أنواع الكفر في أيّ مكان كان وأيّ زمان{[59326]} اتفق . ولما كان المراد القتل المجهر بغاية التحقق ، عبر عنه مؤكداً له من الاختصار بذكر المصدر الدال على الفعل مصوراً له{[59327]} بأشنع {[59328]}صوره مع{[59329]} ما فيه من الغلظة على الكفار والاستهانة بهم فقال تعالى : { فضرب الرقاب } أي عقبوا لقيكم لهم من غير مهلة بأن تضربوا رقابهم{[59330]} ضرباً بالصدق في الضرب بما يزهق أرواحهم ، فإن ذلك انتهاز للفرصة وعمل بالأحوط ، وكذلك{[59331]} النفس التي هي أعدى العدو إذا ظفرت بها وجب عليك أن لا تدع لها{[59332]} بقية ، قال القشيري : فالحية إذا{[59333]} بقيت منها بقية فوضعت عليها إصبع{[59334]} ثبت فيها سمها .

ولما كان التقدير : {[59335]}ولا يزال ذلك فعلكم ، غياه{[59336]} بقوله : { حتى } وبشرهم بالتعبير بأداة التحقق{[59337]} فقال تعالى : { إذا أثخنتموهم } أي أغلظتم القتل فيهم وأكثرتموه{[59338]} بحيث صاروا لا حراك{[59339]} بهم كالذي ثخن فأفرط ثخنه ؛ فجعل ذلك شرطاً للأسر كما قال تعالى

{ وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض }[ الأنفال : 67 ] {[59340]}ثم قال تعالى مبيناً لما بعد الثخن{[59341]} : { فشدوا } أي لأنه لا مانع لكم الآن من{[59342]} الأسر{[59343]} { الوثاق } أي الرباط الذي يستوثق{[59344]} به{[59345]} من الأسر بالربط{[59346]} على أيديهم مجموعة إلى{[59347]} أعناقهم - مجاز عن الأسر بغاية الاستيلاء{[59348]} والقهر .

ولما كان الإمام مخيراً {[59349]}في أسراهم{[59350]} بين أربعة أشياء : القتل والإطلاق مجاناً والإطلاق بالفدية وهي {[59351]}شيء يأخذه{[59352]} عوضاً عن رقابهم و{[59353]}الاسترقاق{[59354]} ، عبر عن ذلك بقوله مفصلاً : { فإما منّاً } أي أن ينعموا عليهم إنعاماً { بعد } أي في جميع أزمان ما بعد الأسر باستبقائهم ثم بعد الإنعام باستبقائهم إما أن يكون ذلك مع الاسترقاق أو مع الإطلاق ثم الإطلاق إما{[59355]} مجاناً { وإما فداء } بمال أو بأسرى من المسلمين ونحو ذلك ، فأفهم التعبير بالمن الذي معناه الإنعام أن الإبقاء غير واجب بكل-{[59356]} جائز{[59357]} ، ودخل في الإبقاء ثلاث صور : الاسترقاق والإطلاق مجاناً و{[59358]}بالفداء فصرح سبحانه وتعالى بالفداء الذي معناه الأخذ على وجه أنه قسيم للمن ، فعلم أن المراد به الإبقاء مع عدم الأخذ فدخل فيه الإطلاق مجاناً وهو واضح والاسترقاق لأنه إنعام بالنسبة إلى القتل ، وأفهم التعبير بالمن الذي معناه الإنعام من المنان الذي هو اسمه تعالى ومعناه المعطي ابتداء جواز القتل-{[59359]} لأن الإنعام مخير فيه لا واجب لأنه لو كان واجباً كان حقاً لا نعمة ، فقد دخلت السور الأربع في التعبير بهاتين الكلمتين - والله الهادي ، وكل هذا على ما يراه الإمام أو نائبه مصلحة ، قال القشيري : كذلك حال المجاهدة{[59360]} مع النفس إذا كان في إغفاء ساعة وإفطار يوم ترويح للنفس{[59361]} من الكد وقوة على الجهد فيما يستقبل من الأمر على ما يحصل به الاستصواب من شيخ المريد وفتوى لسان الوقت أو فراسة صاحب المجاهدة - انتهى .

وقد أفهم هذا السياق أن هذا الحكم ثابت {[59362]}غير منسوخ{[59363]} والأمر بالقتل وحده-{[59364]} في غيرها من الآيات عام غير-{[59365]} مخصوص بما أفهمته الغاية من أن التقدير : والجهاد على هذه الصفة باق وماض مع كل أمير {[59366]}براً كان{[59367]} أو فاجراً ، لا يزال طائفة من الأمة قائمين به ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ، وهو - والله أعلم - المراد بقوله{[59368]} تعالى : { حتى } أي افعلوا ما أمرتكم به على ما جددت لكم إلى أن { تضع الحرب أوزارها } وهي أثقالها أي الآلات التي تثقل القائمين بها من النفقات والسلاح والكراع ونحوه ، وذلك لا يكون وفي الأرض كافر ، وذلك على زمن عيسى عليه الصلاة والسلام حين تخرج الأرض بركاتها ، وتكون الملة واحدة وهي الإسلام لله رب العالمين ، فيتخذ الناس-{[59369]} حديد السلاح سككاً ومناجل وفؤوساً ينتفعون بها في معاشهم كما ورد في الحديث{[59370]} : " الجهاد ماض منذ بعثني الله-{[59371]} إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال " - رواه في الفردوس عن أنس رضي الله عنه " الجهاد واجب عليكم مع كل بر وفاجر " رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه{[59372]} .

ولما كانت{[59373]} الحرب كريهة إلى النفوس شديدة المشقة ، أكد أمرها بما معناه : إن هذا أمر قد فرغ منه ، فقال تعالى : { ذلك } أي الأمر العظيم العالي الحسن النافع الموجب لكل خير . ولما كان هذا ربما أوهم أن التأكيد في هذا الأمر لكون الحال لا يمكن انتظامه إلا به ، أتبعه ما{[59374]} يزيل هذا-{[59375]} الإيهام فقال{[59376]} : { ولو } ولما كان لو عبر بالماضي أفاد أنه كان ولم يبق ، عبر بالمضارع الدال على الحال وما بعده فقال : { يشاء الله } أي الملك الأعظم الذي له جميع صفات{[59377]} الكمال {[59378]}والقدرة على ما يمكن{[59379]} { لانتصر منهم } أي بنفسه من غير أحد انتصاراً عظيماً بأن لا يبقى منهم أحداً { ولكن } {[59380]}أوجب ذلك عليكم { ليبلوا } .

ولما كان الابتلاء ليس خاصاً بفريق منهم بل عاماً للفريقين لأنه يكشف عن أهل المحاسن وأهل-{[59381]} المساوئ من كل منهم ، قال تعالى : { بعضكم } {[59382]}من الفرقة المؤمنين بالإنكار عليهم من الفرقة الطاغين حتى يكون لهم بذلك اليد البيضاء{[59383]} { ببعض } أي يفعل في ذلك فعل المختبر ليترتب عليه الجواء على حسب ما تألفونه من العوائد{[59384]} .

ولما أفهم هذا أن الابتلاء{[59385]} بين فريقين بالجهاد ، قال عاطفاً على ما تقديره : فالذين قاتلوا أو قتلوا في سبيل الشيطان أضل أعمالهم : { والذين قتلوا{[59386]} } وفي قراءة البصريين وحفص{[59387]} { قتلوا } وهي أكثر ترغيباً والأولى{[59388]} أعظم ترجية { في سبيل الله } أي لأجل تسهيل طريق الملك الأعظم المتصف بجميع صفات الكمال .

ولما كان في سياق الترغيب ، قرن الخبر بالفاء إعلاماً بأن أعمالهم سببه{[59389]} فقال تعالى : { فلن يضل } أي يضيع ويبطل { أعمالهم * } لكونها غير تابعة لدليل بل يبصرهم بالأدلة ويوفقهم لاتباعها ، وهو معنى قوله تعالى تعليلاً : { سيهديهم . .


[59320]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بما يحد-كذا.
[59321]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بما يحد-كذا.
[59322]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59323]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مثله.
[59324]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حاله.
[59325]:زيد في الأصل:أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59326]:زيد في الأصل: كان أو، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59327]:في م: به.
[59328]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تصور متبع.
[59329]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تصور متبع.
[59330]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أرقابهم.
[59331]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: لذلك.
[59332]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بها.
[59333]:في مد: متى.
[59334]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أصبعا.
[59335]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فلا.
[59336]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عناه.
[59337]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: التحقيق.
[59338]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: أكثرتموهم.
[59339]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: احتراك.
[59340]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد، وزيد في الأصل بعد "بعد الثخن" فقال، فحذفناها.
[59341]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد، وزيد في الأصل بعد "بعد الثخن" فقال، فحذفناها.
[59342]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بعد.
[59343]:زيد في الأصل و ظ: من، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59344]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: يتوثق.
[59345]:زيد في الأصل و ظ: وهو، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59346]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أي الربط.
[59347]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: على.
[59348]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الاشتداد.
[59349]:من ظ ومد، وفي الأصل: بين أسرهم، وسقط ما بين الرقمين من م.
[59350]:من ظ ومد، وفي الأصل: بين أسرهم، وسقط ما بين الرقمين من م.
[59351]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يأخذ الإمام.
[59352]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يأخذ الإمام.
[59353]:زيد في الأصل: الرابع، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59354]:زيد في الأصل: ثم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59355]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أي.
[59356]:زيد من ظ و م ومد.
[59357]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: جابر.
[59358]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أو.
[59359]:زيد من م ومد.
[59360]:في مد: المشاهدة.
[59361]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: النفس.
[59362]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عن منسوخ.
[59363]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عن منسوخ.
[59364]:زيد من ظ و م ومد.
[59365]:زيد من م ومد.
[59366]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كان برا.
[59367]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كان برا.
[59368]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بقاله.
[59369]:زيد من م ومد.
[59370]:زيد في الأصل و ظ: بذلك وفي الحديث، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59371]:زيد من م ومد وليس في تلخيص الفردوس رقم الحديث:5392.
[59372]:راجع من سننه أبواب الجهاد.
[59373]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كان.
[59374]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بما.
[59375]:زيد من مد.
[59376]:زيد في الأصل: مشيرا، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59377]:سقط من ظ و م ومد.
[59378]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59379]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59380]:زيد في الأصل:أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59381]:زيد من م ومد.
[59382]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59383]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59384]:زيد في الأصل: سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم في خلقه بما يريد لا راد لحكمه، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59385]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الابتداء.
[59386]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: قتلوا.
[59387]:راجع نثر المرجان6/578.
[59388]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الأعظم لي.
[59389]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: سببة.