جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

{ فإذا لقيتم الذين كفروا } : حاربتموهم ، { فضرب الرقاب } أي : فاضربوا رقابهم ضربا قدم المصدر مضافا إلى المفعول بعد حذف فعله ، والمراد منه القتل بأي وجه كان ، { حتى إذا أثخنتموهم } : أغلظتم قتلهم ، وجعلتموه كثيرا كثيفا قال تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض }[ الأنفال :27 ] { فشدوا الوثاق } أي : فأسروهم ، والوثاق ما يوثق به ، { فإما منا بعد وإما فداء } أي : تمنون منا بعد الأسر ، أو يفدون فداء أراد التخيير بين الإطلاق بلا عوض وبين العوض ، وعند بعض السلف أنها منسوخة بقوله { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية [ التوبة :5 ] ، والأكثرون على أنها محكمة ، ثم قال بعضهم التخيير بين القسمين فلا يجوز قتله ، والأكثرون منهم وهو قول أكثر السلف على التخيير بين المن والمفاداة والقتل والاسترقاق ، { حتى تضع الحرب أوزارها } : أثقالها وآلاتها أي : لا يبقى حرب ، وهو بأن لا يبقى كافر { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ، ويكون الدين كله لله }[ الأنفال :39 ] قيل : حتى تضع الحرب آثام أهلها بأن يتوبوا ، أو شرك أهلها وقبائحهم ، { ذلك } أي : الأمر ذلك ، { ولو يشاء الله لانتصر } : لانتقم ، { منهم } : بأن أهلكهم من غير قتال ، { ولكن } شرع لكم الجهاد ، { ليبلو } : الله تعالى :{ بعضكم ببعض } : فيمحص ويخلص المؤمنين بالجهاد ، ويمحق الكافرين فهو من البلية ، أو من الابتلاء أي : الاختبار قال تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يعلم الله } الآية [ آل عمران :142 ] ، { والذين قتلوا{[4616]} } : جاهدوا ، { في سبيل الله فلن يضل } : يضيع ، { أعمالهم }


[4616]:قرأ الجمهور"قاتلوا" مبينا للفاعل، وقرئ "اقتلوا" مخففا ومشددا مبينا للمفعول، وقرئ قتلوا على البناء للفاعل مع التخفيف من غير ألف، والمعنى على الأولى والرابعة أن المجاهدين في سبيل الله ثوابهم غير ضائع، وعلى الثانية والثالثة أن المقتولين في سبيل الله كذلك لا يضيع الله سبحانه أجرهم /12 فتح.