الكفء : هو المكافئ والمماثل والمشابه لغيره في العمل أو القدرة .
أي : ولم يكن أحد من خلقه مكافئا ولا مشاكلا ولا مناظرا له تعالى ، في ذاته أو صفاته أو أفعاله .
قال تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . ( الشورى : 11 ) .
وقد ورد في السّنة الصحيحة أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ، لاشتمالها على التوحيد ، وتأكيد وحدانية الخالق ، ونفي التعدد بقوله سبحانه : قل هو الله أحد .
ونفى عن ذاته النقص والاحتياج ، وأثبت حاجة الخلق إليه بقوله : الله الصّمد .
ونفى عن ذاته أن يكون والدا أو مولودا بقوله عز شأنه : لم يلد ولم يولد .
ونفى عن نفسه الأنداد والأشباه والنظراء بقوله تعالى : ولم يكن له كفوا أحد .
فالسورة الكريمة إثبات لصفات الجلال والكمال ، وتنزيه للرب بأسمى صور التنزيه عن النقائص .
ومن أصول عقيدتنا ان الله تعالى يتصف إجمالا بكل كمال ، ويتنزه إجمالا عن كل نقص ، ويتصف تفصيلا بصفاته الكاملة ، مثل : القدرة ، والإرادة ، والوحدانية ، والقيام بالنفس .
وفي الحديث الصحيح : ( إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، والله تعالى وتر يحب الوتر ، من أحصاها دخل الجنة ) . vii .
قال العلماء : من حفظها دخل الجنة .
وقال المحققون : الإحصاء : هو الإحاطة بمعانيها علما وعملا ، فإذا أيقنت أنه الرزاق أخذت بالأسباب ، وعلمت يقينا أن المسبب الحقيقي هو الله تعالى .
تم بحمد الله تعالى وتوفيقه تفسير سورة ( الإخلاص ) مساء الأربعاء 21 من ربيع الأول 1422 ه ، الموافق 13/6/2001 .
i تفسير جزء عم ، للأستاذ محمد عبده ، ص125 ، مطابع الشعب .
رواه الترمذي في صفة القيامة ( 2516 ) وأحمد في مسنده ( 2664 ) من حديث ابن عباس قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : ( يا غلام ، إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . قال العجلوني في كشف الخفاء : رواه أبو القاسم بن بشران في أماليه ، وكذا القضاعي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس بلفظ : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إليّ ، فقال : ( يا غلام احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله . . . ) –الحديث ، وفيه : قد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه ، أو أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله عليه لم يقدروا عليه ، وفيه واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا . وأورده الضياء في المختارة وهو حسن ، وله شاهد رواه عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بلفظ : ( يا ابن عباس ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة . . ) وذكره مطولا بسند ضعيف ، ورواه أحمد والطبراني وغيرهما بسند أصح رجالا وأقوى ، قال في المقاصد : وقد بسطت الكلام عليه في تخريج الأربعين .
iii دكتور شوقي ضيف ، سورة الرحمان وسر قصار ص 380 ، مطابع دار المعارف .
iv ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة :
روى البخاري في الجمعة ( 1145 ) ، وفي الدعوات ( 6321 ) ، وفي التوحيد ( 7494 ) ، ومسلم في صلاة المسافرين ( 758 ) ، ومالك في الموطأ كتاب النداء إلى الصلاة ( 496 ) ، وأبو داود في الصلاة ( 1315 ) وفي السنة ( 4733 ) ، والترمذي في الصلاة ( 446 ) ، وفي الدعوات ( 3498 ) ، والدارمي في الصلاة ( 1478 ، 1479 ، 1484 ) ، وابن ماجة في إقامة الصلاة ( 1366 ) ، وأحمد ( 7457 ، 7538 ، 7567 ، 3733 ، 8751 ، 9940 ، 10166 ، 10377 ، 10902 ، 11482 ، 27620 ) من حديث أبي هريرة . ورواه الدارمي في الصلاة ( 1480 ) ، وأحمد ( 16303 ، 16305 ) من حديث جبير بن مطعم . ورواه أحمد ( 15782 ، 15785 ) من حديث رفاعة الجهني . ورواه أحمد ( 3664 ، 3811 ، 4256 ) من حديث ابن مسعود . ورواه الدارمي في الصلاة ( 1483 ) من حديث علي .
رواه البخاري في الأدب ( 6099 ) ، وفي التوحيد ( 7378 ) ، ومسلم في صفة القيامة ( 2804 ) ، وأحمد ( 19092 ، 19136 ) . من حديث أبي موسى مرفوعا : ( ليس أحد أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله . . . ) الحديث .
vi كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك :
روى البخاري في تفسير القرآن ( 4974 ، 4975 ) والنسائي في الجنائز ( 2078 ) وأحمد في مسنده ( 8398 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله : كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن عيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفؤا أحدا ) .
روى البخاري في تفسير القرآن ( 4482 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله : كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي فقوله : لي ولد ، فسبحاني أن أتخذ صاحبة او ولدا ) .
vii إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها :
رواه البخاري في الشروط ( 2736 ) وفي التوحيد ( 7392 ) ومسلم في الذكر ( 2677 ) والترمذي في الدعوات ( 3506 ، 3508 ) وابن ماجة في الدعاء ( 3860 ) وأحمد في مسنده ( 7450 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله تسعة تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) . ورواه الترمذي في الدعوات ( 3507 ) وابن ماجة في الدعاء ( 3861 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة ، هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمان الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار . . . ) الحديث . وقال أبو عيسى : هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل حديث وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم في كبير شيء من الروايات له بإسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح .
وليس له نِدٌّ ولا مماثِل ، ولا شَبيه . { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] . فهذه السورةُ الكريمة إثباتٌ وتقريرٌ لعقيدة التوحيد الإسلامية ، كما أن سورةَ «الكافرون » نفيٌ لأيّ تشابُهٍ أو التقاء بين عقيدةِ التوحيد وعقيدةِ الشِرك .
وقد سُئل أعرابي ماذا يحفظ من القرآن فقال : أحفَظ هِجاءَ أبي لَهَبٍ { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ . . . } [ المسد : 1 ] ، وصِفَةَ الربّ { قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } .
{ ولم يكن له كفؤا أحد } الكفؤ هو النظير والمماثل . قال الزمخشري : يجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح ، فيكون نفيا للصاحبة ، وهذا بعيد ، والأول هو الصحيح ، ومعناه : أن الله ليس له نظير ولا شبيه ولا مثيل .
ويجوز في كفؤا ضم الفاء ، وإسكانها مع ضم الكاف ، وقد قرئ بالوجهين ، ويجوز أيضا كسر الكاف وإسكان الفاء ، ويجوز كسر الكاف وفتح الفاء والمد ، ويجوز فيه الهمزة والتسهيل .
وانتصب ( كفوا ) على أنه خبر كان ، وأحد اسمها . قال ابن عطية : ويجوز أن يكون كفوا حالا ؛ لكونه كان صفة للنكرة فقدم عليها ، فإن قيل : لم قدم المجرور وهو له على اسم كان وخبرها ، وشأن الظرف إذا وقع غير خبر أن يؤخر ؟ فالجواب من وجهين :
أحدهما : أنه قدم للاعتناء به والتعظيم ؛ لأنه ضمير الله تعالى ، وشأن العرب تقديم ما هو أهم وأولى .
والآخر : أن هذا المجرور به يتم معنى الخبر ، وتكمل فائدته ، فإنه ليس المقصود نفي الكفؤ مطلقا ، إنما المقصود نفي الكفؤ عن الله تعالى ، فلذلك اعتنى بهذا المجرور الذي يحرز هذا المعنى فقدم ، فإن قيل : إن قوله : { قل هو الله أحد } يقتضي نفي الولد والكفؤ ، فلم نص على ذلك بعده ؟ فالجواب : أن هذا من التجريد وهو تخصيص الشيء بالذكر بعد دخوله في عموم ما تقدم كقوله تعالى : { وملائكته ورسله وجبريل وميكال } [ البقرة : 98 ] ، ويفعل ذلك لوجهين يصح كل منهما هنا :
أحدهما : الاعتناء ، ولا شك أن نفي الولد والكفؤ عن الله ينبغي الاعتناء به للرد على من قال خلاف ذلك من الكفار .
والآخر : الإيضاح والبيان ، فإن دخول الشيء في ضمن العموم ليس كالنص عليه ، فنص على هذا بيانا وإيضاحا للمعنى ، ومبالغة في الرد على الكفار ، وتأكيدا لإقامة الحجة عليهم .