فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} (4)

{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } هذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها لأنه سبحانه إذا كان متصفاً بالصفات المتقدمة كان متصفاً بكونه لم يكافئه أحد ولا يماثله ولا يشاركه في شيء ، وأخر اسم كان لرعاية الفواصل ، وقوله : { له } متعلق بقوله : { كفواً } قدم عليه لرعاية الاهتمام ، لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته . وقيل : إنه في محل نصب على الحال ، والأوّل أولى . وقد ردّ المبرد على سيبويه بهذه الآية ، لأن سيبويه قال : إنه إذا تقدّم الظرف كان هو الخبر ، وههنا لم يجعل خبراً مع تقدّمه ، وقد ردّ على المبرد بوجهين : أحدهما أن سيبويه لم يجعل ذلك حتماً بل جوّزه . والثاني أنا لا نسلم كون الظرف هنا ليس بخبر ، بل يجوز أن يكون خبراً ويكون كفواً منتصباً على الحال وحكي في الكشاف عن سيبويه على أن الكلام العربيّ الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقرّ ، واقتصر في هذه الحكاية على نقل أوّل كلام سيبويه ولم ينظر إلى أخره ، فإنه قال في آخر كلامه : والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربيّ جيد كثير انتهى . قرأ الجمهور : { كُفُواً } بضم الكاف والفاء وتسهيل الهمزة ، وقرأ الأعرج وسيبويه ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء ، وروي ذلك عن حمزة مع إبداله الهمزة واواً وصلاً ووقفاً ، وقرأ نافع في رواية عنه «كفأ » بكسر الكاف وفتح الفاء من غير مدّ ، وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس كذلك مع المدّ ، وأنشد قول النابغة :

لا تقذفني بركن لا كفاء له *** . . .

والكفء في لغة العرب النظير ، يقول . هذا كفؤك : أي نظيرك . والاسم الكفاءة بالفتح .

/خ4