الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} (4)

{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } اختلف القراء فيه ، فقرأ حمزة ويعقوب ساكنة الفاء مهموزة ، ومثله روى العباس عن أبي عمرو وإسماعيل عن نافع ، وقرأ شيبة مشبعة غير مهموزة ، ومثله روى حفص عن عاصم ، وقرأ الآخرون مثقلاً مهموزاً ، وكلّها لغات صحيحة فصيحة ، ومعناه المثل .

{ أَحَدٌ } أي هو واحد ، وقيل : على التقديم والتأخير ، مجازه : " وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ أَحَدٌ كُفُواً " .

وقال عبد خير : سأل رجل علي بن أبي طالب عليه السلام عن تفسير هذه السورة قال : قل هو الله أحد بلا تأويل عدد ، الله الصمد لا يتبعض بدد ، لم يلد فيكون هالكاً ، ولم يولد فيكون إلهاً مُشارَكاً ، ولم يكن له من خلقه كفؤاً أحد .

وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي بقراءتي قال : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت أبا علي الروذباري يقول : وجدنا أنواع الشرك ثمانية : النقص ، والتقلّب ، والكثرة والعدد ، وكونه علّة أو معلولاً ، والأشكال والأضداد ، فنفى الله تعالى عن صفته نوع الكثرة والعدد بقوله : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، ونفى التنقّص والتقلّب بقوله : { اللَّهُ الصَّمَدُ } ، ونفى العلل والمعلول بقوله : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } ، ونفى الأشكال والأضداد بقول : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } ، فحصلت الوحدانية البحت ؛ لذلك سمّيت سورة الإخلاص .