التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} (4)

{ ولم يكن له كفؤا أحد } الكفؤ هو النظير والمماثل . قال الزمخشري : يجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح ، فيكون نفيا للصاحبة ، وهذا بعيد ، والأول هو الصحيح ، ومعناه : أن الله ليس له نظير ولا شبيه ولا مثيل .

ويجوز في كفؤا ضم الفاء ، وإسكانها مع ضم الكاف ، وقد قرئ بالوجهين ، ويجوز أيضا كسر الكاف وإسكان الفاء ، ويجوز كسر الكاف وفتح الفاء والمد ، ويجوز فيه الهمزة والتسهيل .

وانتصب ( كفوا ) على أنه خبر كان ، وأحد اسمها . قال ابن عطية : ويجوز أن يكون كفوا حالا ؛ لكونه كان صفة للنكرة فقدم عليها ، فإن قيل : لم قدم المجرور وهو له على اسم كان وخبرها ، وشأن الظرف إذا وقع غير خبر أن يؤخر ؟ فالجواب من وجهين :

أحدهما : أنه قدم للاعتناء به والتعظيم ؛ لأنه ضمير الله تعالى ، وشأن العرب تقديم ما هو أهم وأولى .

والآخر : أن هذا المجرور به يتم معنى الخبر ، وتكمل فائدته ، فإنه ليس المقصود نفي الكفؤ مطلقا ، إنما المقصود نفي الكفؤ عن الله تعالى ، فلذلك اعتنى بهذا المجرور الذي يحرز هذا المعنى فقدم ، فإن قيل : إن قوله : { قل هو الله أحد } يقتضي نفي الولد والكفؤ ، فلم نص على ذلك بعده ؟ فالجواب : أن هذا من التجريد وهو تخصيص الشيء بالذكر بعد دخوله في عموم ما تقدم كقوله تعالى : { وملائكته ورسله وجبريل وميكال } [ البقرة : 98 ] ، ويفعل ذلك لوجهين يصح كل منهما هنا :

أحدهما : الاعتناء ، ولا شك أن نفي الولد والكفؤ عن الله ينبغي الاعتناء به للرد على من قال خلاف ذلك من الكفار .

والآخر : الإيضاح والبيان ، فإن دخول الشيء في ضمن العموم ليس كالنص عليه ، فنص على هذا بيانا وإيضاحا للمعنى ، ومبالغة في الرد على الكفار ، وتأكيدا لإقامة الحجة عليهم .