فلما رأوه زلفة : فلما رأوا العذاب قريبا منهم .
سيئت : أصابتها الكآبة والمذلّة ، واسودت غمّا .
تدّعون : تطلبونه في الدنيا ، وتستعجلون أن يأتيكم استهزاء .
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدّعون .
وينتقل القرآن إلى الحديث عن مشاهد اليوم الآخر ، حين يشاهد الكفار العذاب قريبا منهم ، أو حين يرونه بعد وقت قريب ( وكل آت قريب ) فإذا شاهد الكافر أهوال جهنم ، ظهرت الكآبة والقتام على وجهه .
قال تعالى : وجوه يومئذ مسفرة* ضاحكة مستبشرة* ووجوه يومئذ عليها غبرة* ترهقها قترة* أولئك هم الكفرة الفجرة . ( عبس : 38-42 ) .
لقد اسودّت وجوه الكفار من هول العذاب الذي سيصلونه قريبا ، ثم عنّفتهم الملائكة ووبختهم على كفرهم وعلى تكذيبهم بالعذاب .
وقالت لهم زبانية جهنم : هذا هو العذاب الذي كنتم تدّعون عدم وقوعه ، أو كنتم تطلبونه وتستعجلون وقوعه استهزاء به وتكذيبا له .
قوله تعالى : " فلما رأوه زلفة " مصدر بمعنى مزدلفا أي قريبا ، قاله مجاهد . الحسن : عيانا . وأكثر المفسرين على أن المعنى : فلما رأوه يعني العذاب ، وهو عذاب الآخرة . وقال مجاهد : يعني عذاب بدر . وقيل : أي رأوا ما وعدوا من الحشر قريبا منهم . ودل عليه " تحشرون " . وقال ابن عباس : لما رأوا عملهم السيئ قريبا . " سيئت وجوه الذين كفروا " أي فعل بها السوء . وقال الزجاج : تبين فيها السوء ، أي ساءهم ذلك العذاب ، وظهر على وجوههم سمة تدل على كفرهم ؛ كقوله تعالى : " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه{[15204]} " [ آل عمران : 106 ] . وقرأ نافع وابن محيصن وابن عامر والكسائي " سئت " بإشمام الضم . وكسر الباقون بغير إشمام طلبا للخفة . ومن ضم لاحظ الأصل . " وقيل هذا الذي كنتم به تدعون " قال الفراء : " تدعون " تفتعلون من الدعاء ، وهو قول أكثر العلماء ، أي تتمنون وتسألون . وقال ابن عباس : تكذبون ، وتأويله : هذا الذي كنتم من أجله تدعون الأباطيل والأحاديث ، قاله الزجاج . وقراءة العامة " تدعون " بالتشديد ، وتأويله ما ذكرناه . وقرأ قتادة وابن أبي إسحاق والضحاك ويعقوب " تدعون " مخففة . قال قتادة : هو قولهم : " ربنا عجل لنا قطنا{[15205]} " [ ص : 16 ] . وقال الضحاك : هو قولهم : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء{[15206]} " [ الأنفال : 32 ] الآية . وقال أبو العباس : " تدعون " تستعجلون ، يقال : دعوت بكذا إذا طلبته ؛ وادعيت افتعلت منه . النحاس : " تدعون وتدعون " بمعنى واحد ، كما يقال : قدر واقتدر ، وعدى واعتدى ، إلا أن في " افتعل " معنى شيء بعد شيء ، و " فعل " يقع على القليل والكثير .
{ فلما رأوه } ضمير الفاعل للكفار ، وضمير المفعول للعذاب الذي يتضمنه الوعد .
{ زلفة } أي : قريبا وقيل : عيانا .
{ سيئت وجوه الذين كفروا } أي : ظهر فيها السوء لما حل بها .
{ وقيل : هذا الذي كنتم به تدعون } تفتعلون من الدعاء ، أي : تطلبون وتستعجلون به ، والقائلون لذلك الملائكة ، أو يقال لهم بلسان الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.