الأرض ذلولا : مذللة لينة سهلة تستقرون عليها .
مناكبها : جوانبها ، أو طرقها وفجاجها .
النشور : إليه وحده مهمة نشركم ، أي إحيائكم من قبوركم للحساب والجزاء .
15- هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور .
أرسى الله الأرض بالجبال ، وحفظ سبحانه توازنها ، وأودع فيها الجاذبية ، وذلل الطرق ويسّر الرزق ، وأودع في الأرض أقواتها وأرزاقها ، ويسّر للإنسان طرق الكسب بالزراعة والصناعة والتجارة ، والعلوم والفنون وغيرها .
وأودع الله في الأرض المعادن والمياه ، والحديد والبترول ، وذلل الأرض لاستفادة الإنسان ، وفي ذلك دعوة من الله لنا ، لاستخدام طاقات الأرض وإعمارها ، فلا يكفي أن نستخرج البترول ، بل ينبغي تصنيع البترول والاستفادة بمشتقاته ، والناس لطول إلفهم بالأرض ينسون فضل الله عليهم في تسخير الأرض لهم .
لقد أنعم الله عليكم بأرض مذللة ممهدة للاستفادة بها في الزراعة والسير ، واستخراج ما في باطنها ، والبناء عليها ، فسيروا في الأرض ، وتمكّنوا من نواحيها ومناكبها ، وسيطروا على أرض الإسلام وبلاده ، واستفيدوا من خيرات بلادكم ورزق ربكم . وإلى الله مرجعكم فيحاسبكم على أعمالكم ، وفي الآية دعوة لأمة الإسلام أن تلتمس العزّ والسؤدد ، باستثمار خيرات بلادها ، وتعاون المسلمين فيما بينهم ، وأن يكون هناك تكامل بين الأمة الإسلامية وتعاون وترابط ، حتى نكون كما أمر الله تعالى : صفّا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .
قال تعالى : إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون . ( الأنبياء : 92 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ترى المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )x .
{ 15 } { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }
أي : هو الذي سخر لكم الأرض وذللها ، لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم ، من غرس وبناء وحرث ، وطرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة ، { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا } أي : لطلب الرزق والمكاسب .
{ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } أي : بعد أن تنتقلوا من هذه الدار التي جعلها الله امتحانًا ، وبلغة يتبلغ بها إلى الدار الآخرة ، تبعثون بعد موتكم ، وتحشرون إلى الله ، ليجازيكم بأعمالكم الحسنة والسيئة .
قوله : { وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا } ذلولا ، من الذّلة بكسر الذال أي اللين . ذلت الدابة ذلاّ بالكسر وذللت تذليلا أي سهلت وانقادت {[4588]} والمعنى أن الله سهّل لكم الأرض وسخرها لكم تسخيرا ، إذ جعلها سهلة مستقرة لا تميد بكم ولا تضطرب ، وهيأ لكم فيها أسباب الحياة والعيش والقرار ، من الماء والهواء والتراب ، والجبال والسهول ، والنار والمعادن ، وغير ذلك من لوازم الحياة والاستقرار على هذه الأرض . { فامشوا في مناكبها } أي امشوا في أطراف الأرض ونواحيها ، أو في طرقها وفجاجها ، { وكلوا من رزقه } والأمر للإباحة ، أي كلوا من رزق الله الذي آتاكم ، وأخرجه لكم من مناحي الأرض ، ومن فجاجها وسهولها وجبالها ، { وإليه النشور } أي يخرجكم الله من القبور أحياء ، ثم تنتشرون في المحشر لتلاقوا الحساب والجزاء{[4589]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.