البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ} (15)

{ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً } : منة منه تعالى بذلك ، والذلول فعول للمبالغة ، من ذلك تقول : دابة ذلول : بينة الذل ، ورجل ذليل : بين الذل .

وقال ابن عطية : والذلول فعول بمعنى مفعول ، أي مذلولة ، فهي كركوب وحلوب . انتهى .

وليس بمعنى مفعول لأن فعله قاصر ، وإنما تعدى بالهمزة كقوله : { وتذل من تشاء } وأما بالتضعيف لقوله : { وذللناها لهم } وقوله : أي مذلولة يظهر أنه خطأ .

{ فامشوا في مناكبها } : أمر بالتصرف فيها والاكتساب ؛ ومناكبها ، قال ابن عباس وقتادة وبشر بن كعب : أطرافها ، وهي الجبال .

وقال الفراء والكلبي ومنذر بن سعيد : جوانبها ، ومنكبا الرجل : جانباه .

وقال الحسن والسدي : طرفها وفجاجها .

قال الزمخشري : والمشي في مناكبها مثل لفرط التذليل ومجازوته الغاية ، لأن المنكبين وملتقاهما من الغارب أرق شيء من البعير وأنبأه عن أن يطأه الراكب بقدمه ويعتمد عليه ، فإذا جعلها في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم ينزل . انتهى .

وقال الزجاج : سهل لكم السلوك في جبالها فهو أبلغ التذليل .

{ وإليه النشور } : أي البعث ، فسألكم عن شكر هذه النعمة عليكم .