الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ} (15)

قوله : { ذَلُولاً } : مفعولٌ ثانٍ ، أو حالٌ . وذَلول فَعُول للمبالغةِ مِنْ ذَلَّ يَذِلُّ فهو ذالٌّ كقوله : دابَّةٌ ذَلولٌ بَيِّنَةُ الذَّلِّ بالكسرِ ، ورجلٌ ذَلُولٌ بَيِّنُ الذُّلِّ بالضم . وقال ابن عطية : " ذلول فَعُول بمعنى مَفْعول ، أي : مَذْلولة ، فهي ك رَكوب وحَلوب " . قال الشيخ : " وليس بمعنى مَفْعول ، لأنَّ فِعْلَه قاصِرٌ ، وإنما يُعَدَّى بالهمزةِ كقوله تعالى : { وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ } [ آل عمران : 26 ] أو بالتضعيفِ كقولِه : { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ } [ يس : 72 ] ، وقولُه : " أي مَذْلولة " يظهر أنَّه خطأٌ " . انتهى يعني : حيث استعمل اسمَ المفعولِ تامَّاً مِنْ فِعْلٍ قاصرٍ ، وهي مناقشةٌ لفظيةٌ .

قوله : { مَنَاكِبِهَا } استعارةٌ حسنة جداً . وقال الزمخشري : " مَثَلٌ لِفَرْطِ التذليل ومجاوَزَتِهِ الغايةَ ؛ لأن المَنْكِبَيْن وملتقاهما من الغارِبِ ، أرقُّ شيءٍ مِن البعير وأَنْباه عن أَنْ يطأَه الراكبُ بقدمِه ويَعْتمد عليه ، فإذا جعلها في الذُّلِّ بحيث يُمشَى في مناكبها لم يَتْرُكْ " .