بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ} (15)

ثم ذكر نعمه على خلقه ، ليعرفوا نعمته ، فيشكروه ويوحدوه ، فقال : { هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً } يعني : خلق لكم الأرض ذلولاً ، ومدها وذللها ؛ وجعلها لينة ، لكي تزرعوا فيها ، وتنتفعوا منها بألوان المنافع ، { فامشوا في مَنَاكِبِهَا } يعني : لكي تمشوا في أطرافها ونواحيها وجبالها . وهذا خبر بلفظ الأمر ؛ وقال القتبي : { فامشوا في مَنَاكِبِهَا } يعني : جوانبها . ومنكبا الرجل : جانباه . وقال قتادة : { مَنَاكِبِهَا } : جبالها . قال : وكان لبشر بن كعب سرية ، فقال لها : إن أخبرتيني ما مناكب الأرض ، فأنت حرة لوجه الله ؟ فقالت : مناكبها : جبالها ، فصارت حرة . فأراد أن يتزوجها ، فسأل أبو الدرداء ، فقال له : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .

ويقال : { هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً } ، أي سهل لكم السلوك { فامشوا في مَنَاكِبِهَا } ، أي : تمشون فيها . { وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ } يعني : تأكلون من رزق الله تعالى وتشكرونه . { وَإِلَيْهِ النشور } يعني : إلى الله تبعثون من قبوركم . ويقال : معناه : هو الذي ذلل لكم الأرض ، قادر على أن يبعثكم ، لأنه ذكر أولاً خلق السماء ، ثم ذكر خلق الأرض ، ثم ذكر النشور .