تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

26

المفردات :

سخريا : مسخرا في العمل ، مستخدما فيه .

التفسير :

32- { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } .

هذا استفهام إنكاري عليهم .

والمعنى :

هل تقسيم النبوة والرسالة والألطاف الإلهية موكول إليهم حتى يطلبوا أن تكون الرسالة إلى عظيم من عظماء مكة أو الطائف ؟

إذا كنا نحن قد قسمنا بينهم حظوظهم في الأموال والأرزاق والعقول وشئون الحياة ، وجعلنا بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا ، وبعضهم متوسطا ، وجعلنا هذا أمير وهذا مأمورا ، وهذا أجيرا وهذا دافع الأجرة ، ففاوتنا بينهم في المعايش ، ليتم تسخير كل إنسان لمصلحة الآخرين ، فيسعد الجميع ويعمر الكون ، ولو كانوا سواء في جميع الأحوال ، لم يخدم أحد أحدا ، فيفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد نظامه .

قال أبو حيان :

{ سخريا } . بضم السين ، من التسخير بمعنى الاستخدام ، لا من السخرية بمعنى الهزء ، والحكمة هي أن يرتفق بعضهم ببعض ، ويصلوا إلى منافعهم .

{ ورحمة ربك خير مما يجمعون } .

رحمة الله بخلقه ، وهدايته لهم خير لهم مما بأيديهم من متاع الدنيا .

أو إنعام الله عليك يا محمد بالنبوة والرسالة والهداية ، خير مما يجمع الناس من حطام الدنيا الفاني .

وفي تفسير البحر المحيط ما يأتي :

وفي قوله تعالى : { نحن قسمنا . . . } تزهيد في الإكباب على طلب الدنيا ، وعون على التوكل على الله .

وقال قتادة : تلقى ضعيف القوة ، قليل الحيلة ، عيي اللسان ، وهو موسع عليه في الرزق ، وتلقى شديد الحيلة ، بسيط اللسان ، وهو مقتر عليه في الرزق .

وقال الشافعي :

ومن الدليل على القضاء وكونه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

قال الله تعالى { أهم يقسمون رحمة ربك } نبوته وكرامته فيجعلونها لمن يشاؤون { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } فجعلنا بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا { ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } بالمال { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } ليسخر الأغنياء بأموالهم الفقراء ويستخدموهم فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش في الدنيا هذا بماله وهذا بأعماله فكما قسمنا هذه القسمة كذلك اصطفينا للرسالة من نشاء ثم بين أن الآخرة أفضل من الدنيا فقال { ورحمة ربك } أي الجنة { خير مما يجمعون } في الدنيا

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

{ أهم يقسمون رحمة ربك } يعني : أن الله يخص بالنبوة من يشاء من عباده على ما تقتضيه حكمته وإرادته ، وليس ذلك بتدبير المخلوقين ، ولا بإرادتهم ، ثم أوضح ذلك بقوله : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } أي : كما قسمنا المعايش في الدنيا كذلك قسمنا المواهب الدينية ، وإذا كنا لم نمهل الحظوظ الفانية الحقيرة ، فأولى وأحرى أن لا نمهل الحظوظ الشريفة الباقية . { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } وهو من التسخير في الخدمة أي : رفعنا بعضهم فوق بعض ليخدم بعضهم بعضا .

{ ورحمة ربك خير مما يجمعون } هذا تحقير للدنيا ، والمراد برحمة ربك هنا النبوة وقيل : الجنة .