تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

1

السماء الدنيا : السماء القربى منكم ، وهي الأولى .

بمصابيح : بكواكب عظيمة مضيئة .

رجوما للشياطين : بانقضاض الشهب منها عليهم .

وأعتدنا لهم عذاب السعير : وأعددنا للشياطين أشدّ الحريق ، يقال : سعرت النار فهي مسعورة وسعيرة ، أي : أوقدتها فهي موقدة .

5- ولقد زيّنّا السماء بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير .

زين الله السماء الدنيا وهي القريبة منّا ، أي السماء الأولى ، وفي صحيح البخاري أن السماوات سبع ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد إلى السماء ليلة الإسراء والمعرج ، ورأى في السماء الأولى آدم ، وفي الثانية يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة ، وفي الثالثة يوسف وقد أعطى شطر الحسن ، وفي الرابعة إدريس ، وفي الخامسة هارون ، وفي السادسة موسى ، وفي السابعة إبراهيم عليه السلام .

وقد خلق الله النجوم في السماء لفوائد ثلاث :

الأولى : أن النجوم تزيّن السماء ، كما نزيّن بيوتنا بالكهرباء .

الثانية : أنّها رجوم للشياطين الذين يحاولون استراق السمع ، فيصيبهم الله بالشهب التي تحرقهم أو تخبلهم .

الثالثة : أن النجوم هداية للسائرين في الصحراء ، وللسائرين في البحار ، ولراغبي معرفة القبلة أو الجهات الأربع الأصلية .

والقرآن الكريم يلفت أنظارنا إلى السماء ونجومها المتلألئة ، حيث نجد نجوما لامعة ، وأخرى خافتة وقمرا منيرا ، وللسماء مناظر وجمال له مذاق خاص ، في أوّل الليل ووسطه وآخره ، والإنسان الذي يريد أن يخلو بنفسه للتأمل في ملكوت السماوات والأرض ، سيجد مجالا للتدبر ، والانتقال من الصنعة البديعة إلى الصانع المبدع .

قال تعالى : إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار . ( آل عمران : 190 ، 191 ) .

ومع كون النجوم زينة للسماء ، فإنه ينفصل منها بعض الشهب لتصيب الجنّي الذي يحاول استراق السمع ، واختطاف أخبار السماء ، ونقلها إلى الكهان في الأرض .

قال تعالى : وجعلناها رجوما للشياطين . . .

وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الجنّ ، ما يفيد أن الجن كانت ترصّ بعضها ، ويصعد الجنيّ فوق كتف أخيه ، حتى يكون الأخير في السماء متمكنا من استراق السمع ، فسلّط الله عليهم الشهب ، فلم يقدروا على استراق السمع .

قال تعالى : وأنّا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا* وأنّا كنا نقعد مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له ، شهابا رصدا . ( الجن : 8 ، 9 ) .

وأعتدنا لهم عذاب السعير .

أعددنا وهيأنا للشياطين في الآخرة عذاب النار المستعرة التي تحرقهم وتهلكهم بعد إحراقهم بالشهب في الدنيا .

لطيفة

إن قيل : إن الشياطين خلقوا من النار فكيف يعذّبون بها ؟ قلنا : إن النار هي مادة خلقهم ، ولكنهم تحوّلوا إلى أجسام أخرى قابلة للاحتراق بها ، كما تحوّل آدم من الطين إلى أجسام خالية من الطين .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

{ ولقد زينا السماء الدنيا } التي تدنو منكم { بمصابيح } بكواكب { وجعلناها رجوما } مرامي { للشياطين } إذا استرقوا السمع { وأعتدنا لهم } في الآخرة { عذاب السعير }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

قوله تعالى : " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح " جمع مصباح وهو السراج . وتسمى الكواكب مصابيح لإضاءتها . " وجعلناها رجوما للشياطين " أي جعلنا شهبها ، فحذف المضاف . دليله " إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب{[15188]} " [ الصافات : 10 ] . وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها . وقيل : إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب ، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته . قال أبو علي جوابا لمن قال : كيف تكون زينة وهي رجوم لا تبقى . قال المهدوي : وهذا على أن يكون الاستراق من موضع الكواكب . والتقدير الأول على أن يكون الاستراق من الهوى الذي هو دون موضع الكواكب . القشيري : وأمثل من قول أبي علي أن نقول : هي زينة قبل أن يرجم بها الشياطين . والرجوم جمع رجم ، وهو مصدر سمي به ما يرجم به . قال قتادة : خلق الله تعالى النجوم لثلاث : زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر والأوقات . فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به ، وتعدى وظلم . وقال محمد بن كعب : والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم ، ولكنهم يتخذون الكهانة سبيلا{[15189]} ويتخذون النجوم علة . " وأعتدنا لهم عذاب السعير " أي أعتدنا للشياطين أشد الحريق ، يقال : سعرت النار فهي مسعورة وسعير ، مثل مقتولة وقتيل .


[15188]:راجع جـ 15 ص 66.
[15189]:كلمة "سبيلا" ساقطة من ح، ز، س، ل، هـ.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

{ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير }

{ ولقد زيَّنا السماء الدنيا } القربى إلى الأرض { بمصابيح } بنجوم { وجعلناها رجوماً } مراجم { للشياطين } إذا استرقوا السمع ، بأن ينفصل شهاب عن الكوكب كالقبس يؤخذ من النار فيقتل الجني أو يخبله ، لا أن الكوكب يزول عن مكانه . { وأعتدنا لهم عذاب السعير } النار الموقدة .