تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِي عَيۡنٍ حَمِئَةٖ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمٗاۖ قُلۡنَا يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمۡ حُسۡنٗا} (86)

83

86- { حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة . . . }

أي : سار ذو القرنين غربا حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي- وكان يسمى : بحر الظلمات ، ويظن أن اليابسة تنتهي عنده ، فرأى الشمس تغرب فيه ، والأرجح أنه كان عند مصب أحد الأنهار ، حيث تكثر الأعشاب ، ويتجمع حولها طين لزج هو : الحمأ ، وتوجد البرك وكأنها عيون الماء . . فأرى الشمس تغرب هناك .

قال صاحب الظلال :

ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق وهو يختلف بالنسبة للمواضع ، فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل ، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار ، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر .

أي : أن القرآن الكريم ، يأتي أحيانا في تعبيراته على نحو ما يراه المشاهد ويعتقده أي : وصل ذو القرنين إلى مكان اعتقد أن الشمس تغرب خلفه ، وأن هذا هو نهاية العالم من جهة الغرب .

{ ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتّخذ فيهم حسنا } .

لقد أمده الله بالأسباب والنصر ، ونصره على هؤلاء القوم ، وخيّره عن طريق الإلهام أو الوحي ، أو هو حكاية حال ، فبعد أن تم له النصر ؛ أصبح من حقه أن يتصرف كما يشاء ، فمن حقه الانتقام أو الإحسان .