الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِي عَيۡنٍ حَمِئَةٖ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمٗاۖ قُلۡنَا يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمۡ حُسۡنٗا} (86)

ثم قال : { حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حميئة } [ 84 ]

قال : ابن عباس : في طين أسود حمأ ، وقاله عطاء {[43435]} . وقال : مجاهد {[43436]} في طينة {[43437]} سوداء ثأط {[43438]} . وهي فعله من قولهم : حمأت البير تحمى حمأة . وهي الطين المنتن المتغير اللون والطعم .

ومن قرأ " حامية " {[43439]} فمعناه {[43440]} حارة {[43441]} ، ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : " في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله جل ذكره {[43442]} لأحرقت ما على وجه الأرض " {[43443]} .

وقال أبو ذر : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار ، والشمس عند غروبها . فقال : " يا أبا ذر هل تدري أين تغرب هذه {[43444]} ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : إنها تغرب في عين حامية " {[43445]} .

فهذا حجة لمن قرأها كذلك . ويجوز أن يكون بمعنى حمئة أي ذات حماة ولكن خففت الهمزة فأبدلوا منها ياء لانكسار ما قبلها .

وقال : أبو حاضر : سمعت ابن عباس يقول : كنت عند معاوية فقرأ : { وجدها تغرب في عين حميئة } [ 84 ] فقلت {[43446]} : ما أقرأها إلا " حمئة " {[43447]} فقال : لعبد الله بن عمر : كيف تقرأها يا عبد الله بن عمر ؟ فقال : كما قرأتها يا أمير المؤمنين . فقلت : في بيتي أنزل القرآن . فأرسل معاوية إلى كعب . فقال : أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ فقال : أما في العربية فأنتم أعلم بها ، وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب .

فقال : أبو حاضر : فقلت لابن عباس : لو كنت عندك لرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في " حمئة " وقال : ابن عباس : ما هي ؟ قلت : فيما {[43448]} يؤثر من قول تبع ذكر {[43449]} فيه ذو القرنين :

بلغ المشارق والمغارب يبتغي *** أسباب من حكيم {[43450]} مرشد

قال : عمر[ و ] {[43451]} نحن نتبع .

فرأى مغارب الشمس عند غروبها *** في عين ذي خلب {[43452]} وثأط حرمد {[43453]}

فقال : ابن عباس ما الخلب {[43454]} ؟ فقلت : الطين بكلامهم . وقال : ما الثأط ؟ قلت الحمأة ، قال : [ وما {[43455]} ] الحرمد ؟ قلت : الأسود يقال : حمئت البير صارت فيها الحمأة . واحمأتها : ألقيت فيها الحماة وحماتها إذا أخرجت منها الحماة {[43456]} .

وأجاز القتبي {[43457]} أن تكون هذه العين في البحر ، والشمس تغيب وراءها {[43458]} .

ثم قال : { ووجد عندها قوما } [ 84 ] .

أي : عبد العين ، قيل {[43459]} يقال : لهم {[43460]} تاسك {[43461]} .

{ قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب } [ 84 ] ، أي قال له أصحابه المؤمنون يا ذا القرنين إما أن تقتلهم وإما أن تستبقيهم {[43462]} .

وقيل المعنى إما أن تقتلهم إذ هو لم يدخلوا في الإقرار بتوحيد الله [ عز وجل ] {[43463]} وطاعته [ جلت {[43464]} عظمته ] ، { وإما أن تتخذ فيهم حسنا } [ 84 ] ، أي : تأسرهم فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد {[43465]} .

و " إما " في هذا للتخيير عند المبرد {[43466]} بمنزلة قوله : { فإن جاءوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم {[43467]} } و " ان " في { إما أن } [ 84 ] في موضع نصب . وقيل : موضع رفع على معنى أما هو .


[43435]:انظر قولهما في جامع البيان 16/11.
[43436]:ق: "وقال مجاهد وقال مجاهد".
[43437]:ق: "طينية".
[43438]:انظر قوله في تفسير مجاهد، وجامع البيان 16/11.
[43439]:وهي قراءة ابن عامر وأبي جعفر وأبي بكر وحمزة والكسائي وخلف، انظر جامع البيان 16/11، والسبعة 398، والحجة 428، والكشف 2/73،
[43440]:ق: "ومعناه".
[43441]:ق: "حادة" وانظر هذا التفسير في غريب القرآن 270 وجامع البيان 16/11، والحجة 428.
[43442]:ط: "عز وجل".
[43443]:الحديث أخرجه أحمد في المسند 2/207 عن عبد الله بن عمرو، وانظر في جامع البيان 16/2 والكشف 2/74، والجامع 11/33 والدر 5/452.
[43444]:ق: "هذا".
[43445]:ق: "حمائه" والحديث أخرجه أحمد في المسند 5/165، وانظره في الحجة 428 والكشف 2/73 والدر 5/452.
[43446]:ساقط من ق.
[43447]:ق: "حمائة".
[43448]:ق: ما في".
[43449]:في النسختين "ما ذكر".
[43450]:ق: "حكم".
[43451]:ساقط من ط.
[43452]:ق: خلية.
[43453]:ق: "حرمك" والبيت الثاني ينسب لتبع اليماني كما في غريب القرآن 270 والجامع 11/34 وفي اللسان "ثأط" إن البيتين معا له. وفي ديوان أمية ص 32 أنهما لأمية وباهامش "لعلها" منسوبة فقط لأمية وليست له "ونسبا إلى أمية في اللسان (حرمد) أيضا وهناك اختلاف بين هذه المصادر في عبارة البيتين.
[43454]:ق : "الجلب".
[43455]:ساقط من ق.
[43456]:انظر قول ابن حاضر في جامع البيان 16/11، والحجة 429، والجامع 11/34، والدر 5/450.
[43457]:ق: "الغتني".
[43458]:انظر قوله في الجامع 11/34.
[43459]:ق: "قبيل".
[43460]:ط: "لهم لهم".
[43461]:حكى هذا القول ابن جرير ولم يشبه، انظر جامع البيان 16/12.
[43462]:ق: "نسبيهم" وسيأتي أن المراد والاستبقاء"
[43463]:ساقط من ق.
[43464]:ساقط من ق.
[43465]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 16*12.
[43466]:انظر هذا القول في الجامع 11/35.
[43467]:المائدة: 42.