الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِي عَيۡنٍ حَمِئَةٖ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمٗاۖ قُلۡنَا يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمۡ حُسۡنٗا} (86)

أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر ، أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية في سورة الكهف «تغرب في عين حامية » قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا { حمئة } فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها ؟ فقال عبد الله : كما قرأتها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن ، فأرسل إلى كعب فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها ، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب- .

قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في { حمئة } . قال ابن عباس : وما هو ؟ قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم واتباعه إياه :

قد كان ذو القرنين عمرو مسلماً *** ملكاً تدين له الملوك وتحسد

فأتى المشارق والمغارب يبتغي *** أسباب ملك من حكيم مرشد

فرأى مغيب الشمس عند غروبها *** في عين ذي خلب وثاط حرمد

فقال ابن عباس : ما الخلب ؟ قلت : الطين بكلامهم . قال : فما الثاط ؟ قلت : الحمأة . قال : فما الحرمد ؟ قلت : الأسود . فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاماً فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل .

وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه ، عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { في عين حمئة } .

وأخرج الحاكم والطبراني وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ { في عين حمئة } .

وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الإشكال من طريق مصداع بن يحيى ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم { تغرب في عين حمئة } مخففة .

وأخرج ابن جرير من طريق الأعرج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها { في عين حمئة } ثم قرأها «ذات حمئة » .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ { في عين حمئة } قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحداً يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس ، فإنا نجدها في التوراة « تغرب في حمئة سوداء » .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر من طريق عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في { حمئة } وحامية ، قرأتها { في عين حمئة } فقال عمرو : «حامية » فسألنا كعباً فقال : إنها في كتاب الله المنزل «تغرب في طينة سوداء » .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر ، عن ابن عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ «تغرب في عين حامية » فقلت له : ما نقرؤها إلا { في عين حمئة } فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة تغرب ؟ قال : أما العربية فلا علم لي بها ، وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين .

وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله ، أنه كان يقرأ «في عين حامية » .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي ، عن ابن عباس «في عين حامية » يقول : حارة .

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن منيع وأبو يعلى وابن جرير وابن مردويه ، عن عبد الله بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : «نار الله الحامية ، لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه ، عن أبي ذر قال : «كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار ، فرأى الشمس حين غربت فقال : أتدري أين تغرب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها تغرب في عين حامية » غير مهموزة .

وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين ، تقذفها العين إلى المشرق .

وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه ، عن ابن جريج في قوله : { ووجد عندها قوماً } قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب ، لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع .

وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها .