تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ} (165)

من مشاهد القيامة

{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب( 165 ) إذ تبرأ الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب( 166 ) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار( 167 ) } .

المفردات :

أندادا : الأنداد : جمع ند ، وهو النظير والشبيه والمراد به هنا الأوثان .

165

التفسير :

{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله . . . }

إن من الناس من لا يعقل تلك ا

لآيات التي دلت على وحدانية الله وقدرته ، وبلغت بهم الجهالة أنهم يخضعون لبعض المخلوقات خضوعهم لله بزعم أنها مشابهة ومماثلة ومناظرة له سبحانه في النفع والضر ، ويحبون تعظيم تلك المخلوقات وطاعتها والتقرب إليها والانقياد لها حبا يشابه الحب اللازم عليهم نحو الله تعالى ، أو يشابه حب المؤمنين لله .

والذين آمنوا أشد حبا لله :

والذين صدقوا بوحدانية الله ، أشد حبا له من هؤلاء المشركين لأوثانهم ورؤسائهم ، ذلك لأن حب المؤمنين لله متولد عن أدلة يقينية وعن علم تام ببديع حكمته ، وبالغ حجته ، وسعة رحمته ، وعدالة أحكامه وعزة سلطانه ، وتفرده بالكمال المطلق ، والحب المتولد عن هذا الطريق يكون أشد من حب المشركين لمعبوداتهم ، لأن حب المشركين لمعبوداتهم متولد عن طريق الظنون والأوهام والتقاليد الباطلة .

وهذه شهادة من الله للمؤمنين يعتزون بها ، ويجب أن يكونوا أهلا لها .

ولقد ضرب المؤمنون الصادقون أرع الأمثال في حبهم لله تعالى لأنهم ضحوا في سبيله بأرواحهم وأموالهم وأبنائهم وأغلى شيء لديهم ، ولأنهم لم يعرفوا عملا يرضيه إلا فعلوه ، ولم يعرفوا عملا يغضبه إلا اجتنبوه .

ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب .

( لو ) شرطية ، وجوابها محذوف لقصد التهويل ولتذهب النفس في تصويره كل مذهب ( القوة ) القدرة والسلطان .

والمعنى كما قال الزمخشري : ولو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم أن القدرة لله على كل شيء من العقاب والثواب ، دون أندادهم ، ويعلمون شدة عقابه للظالمين ، لكان منهم مالا يدخل تحت الوصف ، من الندم والحسرة على ظلمهم وضلالهم .

وقد قرأ نافع وابن عمر «ولو ترى » بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتى له الخطاب .

أي : لو ترى ذلك أيها الرسول الكريم ، أو أيها المخاطب لرأيت أمرا عظيما في الفظاعة والهول .