الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ} (165)

قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَّتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً ) إلى قوله( {[5080]} ) : ( مَالاَ تَعْلَمُونَ )[ 168 ] .

أي : ومن الناس من يعبد آلهة/وأصناماً من دون الله ، يحبون الأصنام كحبهم لله . أي يُسوّون بين الله وبين الأصنام في المحبة ، والمؤمنون أشد حباً لله من الكفار لآلهتهم .

وجاءت الهاء والميم للأصنام وهي لا تعقل لأنها كانت عندهم ممن يعقل ويفهم ، فخوطبوا على ما كان في ظنهم فأجريت مجرى من يعقل بالهاء والميم( {[5081]} ) .

قال ابن مسعود : " قال رسول الله [ عليه السلام ]( {[5082]} ) : " مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لله نِداً ، أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ " ( {[5083]} ) ، وأنا أقول : " من مات لا( {[5084]} ) يجعل لله نداً ، أدخله الله الجنة " ( {[5085]} ) .

وقيل : المعنى : يحبون الأصنام كحبكم أنتم الله( {[5086]} ) ، وأنتم( {[5087]} ) أشد حباً لله من الكفار لآلهتهم( {[5088]} ) .

وقيل : جاء ضمير الأصنام بالهاء والميم ، وهي لا تعقل لأنهم لما عبدوها أنزلوها منزلة من يعقل( {[5089]} ) .

وقال السدي : " الأنداد هنا ساداتهم( {[5090]} ) الذين كانوا يطيعونهم كما يطيعون( {[5091]} ) الله( {[5092]} ) .

ثم قال : ( وَلَوْ تَرَى الذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ ) [ 164 ] .

أي : ولو ترى يا محمد الذين كفروا وظلموا أنفسهم حين يرون عذاب الله لرأيت أمراً عظيماً ، ولعلمت أن القوة لله جميعاً .

فجواب " لو " محذوف ، وفتح " أن " على تقدير فعل محذوف وهو جواب " لو " ( {[5093]} ) .

وقيل : إن " أنْ " ( {[5094]} ) فتحت ب " تَرَى " . وهو قول المبرد والأخفش( {[5095]} ) .

و " ترى " بمعنى تعلم ، التقدير : " ولو يعلم الذين ظلموا جميعاً لتبينوا ضرر اتخاذهم( {[5096]} ) الآلهة دون الله " ( {[5097]} ) . وهذا إنما يكون على قراءة من قرأ بالياء( {[5098]} ) .

وقيل : معنى " ترى " تنظر( {[5099]} ) ، وأن التقدير : ولو تنظر يا محمد الذين ظلموا حين يرون العذاب لأقروا أن القوة لله( {[5100]} ) .

وقيل : فتحت " إن " على تقدير اللام( {[5101]} ) أي : ( {[5102]} ) لأن القوة لله ، والجواب أيضاً محذوف تقديره : لعلموا مبلغ عذاب الله ونحوه .

ومن كسر " إِنّ " كسرها على الابتداء ، وجواب " لو " محذوف أيضاً( {[5103]} ) .

وقيل : إنَّ كسرَها على إضمار القول أي : " يَقولونَ : إِنَّ القُوَّةَ للهِ " ( {[5104]} ) .


[5080]:- في ق: قومه. وهو تحريف.
[5081]:- انظر: هذا التوجيه في الإملاء 1/72.
[5082]:- في ع2، ق: صلى الله عليه وسلم. وفي ع3: عليه وسلم.
[5083]:- انظر: صحيح البخاري 5/153، 7/230.
[5084]:- في ع2، ق، ع3: وهو لا.
[5085]:- انظر: صحيح البخاري 5/153، 7/230.
[5086]:- في ع3: الله.
[5087]:- في ق: فأنتم.
[5088]:- انظر: تفسير ابن مسعود 2/97. وهو قول مجاهد والربيع وابن زيد في جامع البيان 2/279-280. وعزاه القرطبي في تفسيره 2/203 إلى المبرد والزجاج.
[5089]:- انظر: المحرر الوجيز 2/38.
[5090]:- في ع3: سادتهم.
[5091]:- سقط لفظ الجلالة من ع3.
[5092]:- انظر: جامع البيان 3/280، وتفسير القرطبي 2/203، والدر المنثور 1/401.
[5093]:- انظر: هذا التوجيه في معاني الفراء 1/97، ومشكل الإعراب 1/116، والإملاء 1/73.
[5094]:- سقط من ع2.
[5095]:- انظر: المقتضب 2/80، ومعاني الأخفش 1/153، وراجع إعراب القرآن 1/227، والبيان 1/134.
[5096]:- في ع1، ع2، ق: ضرراً باتخاذهم. وفي ع3: ضرر باتخاذهم.
[5097]:- انظر: مجاز القرآن 1/62، ومعاني الأخفش 1/154، وإعراب القرآن1/227.
[5098]:- وهي قراءة ابن كثير وعاصم وأبي عمرو، وحمزة والكسائي، وقرأن نافع وابن عامر بالتاء. انظر: كتاب السبعة 174، والكشف 1/271-272، والتبصرة 157، والتيسير 78، وكتاب العنوان 72، والحجة 119-120، وتحبير التيسير 89، والنشر 2/224.
[5099]:- في ع1، ع2، ح، ق: تبصر.
[5100]:- انظر: جامع البيان 3/282، وسقط لفظ الجلالة "الله" من ع3.
[5101]:- في ق: الكلام.
[5102]:- سقط من ع2، ع3.
[5103]:- انظر: هذا التوجيه في إعراب القرآن 1/228.
[5104]:- انظر: جامع البيان 3/282.