{ ومن الناس } وهم المشركون { من يتخذ من دون الله } أي : غيره { أنداداً } أي : أصناماً يعبدونها { يحبونهم } بالتعظيم والخضوع { كحبّ الله } أي : كحبهم له كما قال الزجاج : يحبون الأصنام كما يحبون الله ؛ لأنهم أشركوها مع الله ، فسووا بين الله وبين أصنامهم في المحبة أو يحبون آلهتهم كحب المؤمنين الله { والذين آمنوا أشدّ حباً } أي : أثبت وأدوم على حبه ؛ لأنهم لا يختارون على الله ما سواه ، والمشركون محبتهم لأغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب ، ولذلك كانوا إذا اتخذوا صنماً أحسن منه طرحوا الأوّل واختاروا الثاني ، وربما يأكلونه كما أكلت باهلة إلهها من حيس عند المجاعة ، ويُعرضون عن معبودهم في وقت البلاء ، ويقبلون على الله كما أخبر الله تعالى عنهم فقال : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } ( العنكبوت ، 65 ) والمؤمن لا يعرض عن الله تعالى في السرّاء والضرّاء ، والشدّة والرخاء .
وقيل : إنما قال الله تعالى : { والذين آمنوا أشدّ حباً لله } لأنّ الله أحبهم أولاً ثم أحبوه ، ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتمّ قال الله تعالى : { يحبهم ويحبونه } ( المائدة ، 54 ) فمحبة العبد لله طاعته والاعتناء بتحصيل مراضيه ، ومحبة الله للعبد إرادة إكرامه واستعماله في الطاعة وصونه عن المعاصي { ولو يرى الذين ظلموا } أي : باتخاذ الأنداد { إذ يرون } أي : يبصرون { العذاب } يوم القيامة وإذ بمعنى إذا أو أجري المستقبل وهو يرى مجرى الماضي لأنّ إذ موضوعة للماضي ؛ والمعنى هنا على الاستقبال لتحققه كقوله تعالى : { ونادى أصحاب الجنة } ( الأعراف ، 44 ) { أنّ } أي : بأنّ { القوّة } أي : القدرة والغلبة { لله } وقوله تعالى : { جميعاً } حال { وأنّ الله شديد العذاب } وجواب لو محذوف ، والتقدير لو يعلمون أنّ القدرة لله جميعاً ؛ إذ عاينوا العذاب لندموا أشدّ الندم ، والفاعل ضمير السامع أو الذين ظلموا ، ويرى بمعنى يعلم ، وأنّ وما بعدها سدّت مسدّ المفعولين .
وقرأ نافع وحده بالتاء على الخطاب أي : ولو ترى يا محمد ذلك لرأيت أمراً عظيماً ، وأمال السوسي الألف المنقلبة بعد الراء في الوصل بخلاف عنه ، وغلظ ورش اللام بعد الظاء ، وقرأ ابن عامر يرون بضم الياء ، والباقون بفتحها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.