تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} (28)

26

28 - لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ .

ليشهدوا : ليحضروا .

منافع لهم : منافع دينية في الآخرة ، ودنيوية بالتجارة .

أيام معلومات : قيل : عشرة ذي الحجة ، أو يوم عرفة . أو يوم عيد النحر ويومان بعده وهي أيام التشريق ،

بهيمة الأنعام : الإبل والبقر والضأن ، التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا .

فكلوا منها : من لحومها ، وهذا في المتطوع به ، المستحب دون الواجب .

البائس الفقير : أي : الذي أصابه بؤس أي : شدة ، والفقير المحتاج ، والأمر فيه للوجوب .

جعل الله الحج لشهود منافع متعددة ، تعود على الحجيج في شئون دينهم ودنياهم : فهم يشاهدون البيت العتيق ، وزمزم ، والمقام ، والصفا والمروة ، وجبل عرفات وجبل الرحمة ، ومنى ومزدلفة ، وغيرها من الأماكن والمشاهد ، التي نزل وحي السماء بجوارها .

ويدعون الله تعالى ، ويؤدون مناسك الحج والعمرة ، وهناك ترق القلوب وتسكب العبرات ، وتستجاب الدعوات .

وفي الحج منافع كثيرة أخرى ، منها : تبادل التجارة ، والوقوف على أحوال المسلمين في أقطار الدنيا ، وتبادل الخبرة والمعرفة ، وانتقال العلوم والفنون والآداب بالتزاور والتجاور ، والحج وسيلة من وسائل ترابط المسلمين ؛ وتكاتفهم لتحرير بلادهم ورقيها ، وتخليص بلاد المسلمين من براثن الاستعمار والتجسس .

وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .

أي : ويذكروا اسم الله تعالى في أيام الحج ، عند ذبح الهدى من الإبل والبقر والغنم والماعز . والأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة ، وأيام العيد الثلاثة أو الأربعة ، أي : يوم العيد ويومان بعده ، أو يوم العيد وثلاثة أيام بعده .

عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .

على ما أعطاهم وملكهم من بهيمة الأنعام ؛ فيذكرون الله عند ذبحها ويقولون باسم الله والله أكبر .

قال فخر الدين الرازي :

وفيه تنبيه على أن الغرض الأصلي ذكر اسمه تعالى عند الذبح ، وأن نخالف المشركين في ذلك ، فإنهم كانوا يذبحونها للنصب والأوثان .

فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ .

فيسن الأكل من الهدي والأضحية ، مشاركة للآكلين ، وإقناعهم بسلامتها ، والأكل هنا للإباحة أو الندب أو الوجوب ، ففيه عدة آراء ، أما إطعام الفقراء والبائسين فهو للوجوب .

قال ابن عباس :

البائس الذي ظهر بؤسه في ثيابه وفي وجهه ، والفقير الذي لا يكون كذلك ، ثيابه نقية ، ووجهه وجه غني .