الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} (28)

قوله تعالى : { ليشهدوا منافع لهم } إلى قوله : { البائس والفقير }[ 26 ] .

أي : يأتون ليشهدوا منافع لهم : وهي التجارات{[46845]} في الأسواق والمواسم ، قاله : ابن عباس وابن جبير{[46846]} .

وقال مجاهد{[46847]} : هي منافع في الآخرة ، ومنافع في الدنيا ، الأجر والربح .

وقيل{[46848]} : هو المغفرة فقط .

ثم قال : { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يعني : الهدايا التي أهدوا من الإبل والبقر والغنم .

قال علي بن أبي طالب{[46849]} : الأيام المعلومات : يوم النحر ، ويومان بعده ، إذبح أيها شئت ، وأفضلها أولها ، وهو قول : ابن عمر ، وأهل المدينة .

وقال ابن عباس{[46850]} : المعلومات : العشر ، يوم النحر منها ، والأيام المعدودات : أيام التشريق إلى آخر النفر{[46851]} . وهو قول : عطاء ومجاهد والنجعي والضحاك ، وهو قول : الكوفيين .

وقال القتبي{[46852]} : المعلومات : عشر ذي الحجة . والمعدودات يوم التروية ويوم عرفة ويوم الزينة{[46853]} .

ثم قال تعالى : { فكلوا منها } أي : فكلوا من بهائم الأنعام التي ذكر اسم الله عليها هنالك . وهذه{[46854]} إباحة إيجاب . واستحب مالك والليث أن يأكل الرجل من أضحيته لقوله : { فكلوا منها }{[46855]} .

وقال الزهري{[46856]} : من السنة أن يأكل أولا من الكبد{[46857]} .

قال بعض العلماء : ذبح الضحايا ناسخ لكل ذبح كان قبله .

وقيل{[46858]} : قوله : ( فكلوا منها ) ناسخ لفعل المشركين ، لأنهم كانوا يحرمون لحوم الضحايا على أنفسهم .

واختار جماعة من الصحابة ، وغيرهم من التابعين أن يتصدق الرجل بالثلث ويطعم الثلث ، ويأكل هو وأهله الثلث .

ومذهب علي بن أبي طالب{[46859]} وابن عمر أن لا يذخر من الضحايا شيئا{[46860]} من بعد ثلاث ، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال جماعة من العلماء والصحابة : يذخر منها بعد ثلاث ، ورووا : أن الحديث منسوخ بالإذخار ، وأن النبي عليه السلام قال : " إنما{[46861]} أمرتكم ألا تذخروا من أجل الدافة التي دفت عليكم " روته عائشة رضي الله عنها . والدافة : الجماعة .

وقال الحسن البصري : العقيقة واجبة ، وهي عند مالك وأكثر العلماء مثل الضحية ، منذوب{[46862]} إليها .

وقال أبو حنيفة : الضحية واجبة على كل من وجد إليها سبيلا ، وعلى الرجل أن يضحي عن ولده ، والجماعة على خلافه لأن الله تعالى لم يوجبها في كتابه ، ولا أوجبها رسوله ، ولا اجتمعت الأمة على ذلك .

وقوله : { وأطعموا البائس والفقير } يعني : الزمن المقتر .

وقال مجاهد{[46863]} : هو الذي يمد إليك يده .

وقال عكرمة{[46864]} : البائس : المضطر الذي عليه البؤس ، والفقير : المتعفف .

والبائس عند أهل اللغة : الذي عليه البؤس من شدة الفقر .

وقيل : البائس الذي يتبين عليه أثر البؤس والضر .


[46845]:ز: التجارة.
[46846]:انظر: جامع البيان 17/146، والدر المنثور 4/356.
[46847]:انظر: زاد المسير 5/425، وتفسير القرطبي 12/41، وتفسير ابن كثير 3/216، والدر المنثور 4/356.
[46848]:انظر: جامع البيان 17/147.
[46849]:ذكره القرطبي في تفسيره 12/43 وقال: (يوم النحر وثلاثة أيام بعده).
[46850]:القول لقتادة في جامع البيان 17/147، ولابن عباس في تفسير ابن كثير 3/216، وقال عنه ابن كثير (وعقله البخاري بصفة الجزم به وروى مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء...).
[46851]:ز: البقرة، (تحريف).
[46852]:انظر: تفسير الغريب لابن فتيبة: 292.
[46853]:يوم الزينة: العيد. انظر: اللسان (زين) وفي تفسير الغريب لابن قتيبة 292 (يوم النحر).
[46854]:ز: وهذا.
[46855]:انظر: تفسير ابن كثير 3/217.
[46856]:انظر: تفسير القرطبي 12/46.
[46857]:ز: كبد أضحيته.
[46858]:انظر: تفسير القرطبي 12/46.
[46859]:انظر: تفسير القرطبي 12/46.
[46860]:ز: شيء.
[46861]:إنما سقطت من ز؟
[46862]:(مندوب) سقطت من ز.
[46863]:انظر: جامع البيان 17/149.
[46864]:انظر: جامع البيان 17/149، وابن كثير 3/217.