لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} (28)

قوله تعالى { ليشهدوا منافع لهم } قيل العفو المغفرة وقيل : التجارة وقال ابن عباس : الأسواق وقيل ما يرضى به الله من أمر الدنيا والآخرة { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } يعني عشر ذي الحجة في قول أكثر المفسرين قيل لها معلومات للحرص عليها من أجل وقت الحج في آخرها . وعن ابن عباس أنها أيام عرفة والنحر وأيام التشريق وقيل : إنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده { على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يعني الهدايا والضحايا من النعم وهي الإبل والبقر والغنم وفيه دليل على أنّ الأيام المعلومات يوم النحر وأيام التشريق لأنه التسمية على بهيمة الأنعام عند نحرها ونحر الهدايا يكون في هذه الأيام { فكلوا منها } أمر إباحة ليس بواجب وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئاً فأمر الله بمخالفتهم . واتفق العلماء على أن الهدى إذا كان تطوعاً يجوز للمهدي أن يأكل منه وكذلك أضحية التطوع لما روى عن جابر بن عبد الله في قصة تطوعاً يجوز للمهدي أن يأكل منه وكذلك أضحية التطوع لما روى عن جابر بن عبد الله في قصة حجة الوداع قال « وقدم علي ببدن من اليمن وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فنحر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة ونحر علي ما غبر وأشركه في بدنه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر وطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها » أخرجه مسلم قوله ما غبر أي ما بقي قوله ببضعة أي بقطعة . واختلف العلماء في الهدي الواجب بالشرع مثل دم التمتع والقرآن والدم الواجب بإفساد الحج وفوته وجزاء الصيد هل يجوز للمهدي أن يأكل منه شيئاً قال الشافعي : لا يأكل منه شيئاً وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر وقال ابن عمر : لا يأكل من جزاء الصيد والنذر ويأكل مما سوى ذلك وبه قال أحمد وإسحاق . وقال مالك يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه إلاّ من فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور وعند إصحاب الرأي أنه يأكل من دم التمتع والقرآن ولا يأكل من واجب سواهما . وقوله تعالى { وأطعموا البائس الفقير } يعني الزمن الذي لا شيء له .