إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} (28)

{ لّيَشْهَدُواْ } متعلِّقٌ بيأتُوك ، لا بأذِّنْ أي ليحضرُوا { منافع } عظيمةَ الخطرِ كثيرةَ العددِ أو نوعاً من المنافع الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ المختصَّةِ بهذه العبادة . واللاَّمُ في قوله تعالى : { لَهُمْ } متعلِّقٌ بمحذوف هو صفة لمنافع أي منافع كائنةً لهم . { وَيَذْكُرُواْ اسم الله } عند إعداد الهَدَايا والضَّحايا وذبحها . وفي جعله غايةً للإتيانِ إيذانٌ بأنَّه الغاية القصوى دون غيرِه . وقيل هو كناية عن الذَّبحِ لأنَّه لا ينفكُّ عنه { في أَيَّامٍ معلومات } هي أيَّامُ النَّحرِ كما ينبئ عنه قوله تعالى : { على مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنعام } فإنَّ المراد بالذِّكرِ ما وقع عند الذَّبحِ . وقيل هي عشرُ ذي الحجَّةِ قد علِّق الفعلُ بالمرزوقِ وبُيِّنَ بالبهيمة تحريضاً على التَّقرُّبِ وتنبيهاً على الذِّكرِ { فَكُلُواْ مِنْهَا } التفاتٌ إلى الخطاب . والفاءُ فصيحةٌ عاطفة لمدخولِها على مقدَّرٍ قد حُذف للإشعار بأنَّه أمرٌ محقَّقٌ غير مُحتاجٍ إلى التَّصريح به كما في قوله تعالى : { فانفجرت } أي فاذكرُوا اسمَ اللَّهِ على ضحاياكم فكلُوا من لحومِها . والأمرُ للإباحة وإزاحةِ ما كانت عليه أهلُ الجاهليَّةِ من التَّحرُّجِ فيه أو للنَّدبِ إلى مواساة الفُقراء ومساواتِهم { وَأَطْعِمُواْ البائس } أي الذي أصابه بُؤسٌ وشدَّةٌ { الفقير } المُحتاجَ وهذا الأمرُ للوجوب . وقد قيل به في الأوَّلِ أيضاً .