تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لَيۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جُنَاحٞ فِيمَا طَعِمُوٓاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّأَحۡسَنُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (93)

90

المفردات :

فيما طعموا : أي : فيما تناولوا قبل التحريم .

التفسير :

93- ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين .

سبب النزول :

لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة : كيف بمن مات منا وهو يشربها ، ويأكل الميسر ، وماتوا وهي في بطونهم فكان الجواب أنهم ماتوا قبل تحريمها ، فلم يكن عليهم في شربها إثم وكانوا أتقياء .

قال القرطبي :

وهذه الآية نظير سؤالهم عمن مات إلى القبلة الأولى فنزلت وما كان الله ليضيع إيمانكم . . . . . . الآية ( البقرة : 43 ) .

والمعنى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح ) أي إثم أو عقوبة ( فيما طعموا ) أي فيما تناولوه من طعام أو شراب قبل تحريمه ، وكذلك لا إثم على من مات قبل التحريم والخمر في بطنه .

إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات . إذ اتقوا الله وخافوه وعملوا الأعمال الصالحة .

ثم اتقوا وآمنوا أي ثم استمروا على تقواهم وامتلاء قلوبهم بخشية الله والإيمان الحق به سبحانه .

ثم اتقوا وأحسنوا ثم تأكد استمرارهم على التقوى وإحسان العمل والإخلاص لله في السر والعلن .

والله يحب المحسنين . أي يرضى عنهم ويشملهم برحمته .

والإحسان : أسمى أنواع العبادة : وهي عبادة الله مع الإخلاص وصدق النية ، وفي الحديث الصحيح ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ( 15 ) .

والآية تشتمل على جانب من مظاهر رحمة الله بعباده ، فإنه لا يؤاخذ الناس على الفعل إلا من بداية تحريمه ، فمن مات شاربا للخمر قبل تحريمها فلا جناح ولا إثم عليه .

وتلحظ أن الآية ختمت بوصف التقوى وتكرير التقوى ، والمقصود من ذلك ، وجوب امتلاء قلب المؤمن بتقوى الله ، واستمراره على ذلك حتى يصل إلى مرتبة الإحسان في العبادة .

قال الطبري :

الاتقاء الأول : هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق .

والاتقاء الثاني : الثبات على التصديق .

والثالث الإحسان والتقرب بالنوافل .