عن أنس قال : كنت ساقي القوم يوم حرمت في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا فضيخ البسر والتمر ، فإذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت . قال : فجزت في سكك المدينة فقال أبو طلحة : اخرج فأرقها . فقالوا : قتل فلان وفلان وهي في بطونهم فأنزل الله تعالى { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الطعم خلاف الشرب في الأغلب وقد يقع على المشروب كقوله تعالى { ومن لم يطعمه فإنه مني }
[ البقرة :249 ] فيجوز أن يكون المراد فيما شربوا من الخمر ، ويحتمل أن يكون معنى الطعم راجعاً إلى التلذذ بما يؤكل ويشرب جميعاً ، فقد تقول العرب : أطعم أي ذق . ونظير هذه الآية قوله في نسخ القبلة { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [ البقرة : 143 ] والعامل في { إذا ما اتقوا } معنى الكلام المتقدم أي لا يأثمون في ذلك إذا اتقوا المحرمّات لأنهم شربوها حين كانت محللة . والمراد أن أولئك كانوا على هذه الصفة وهو ثناء عليهم وحمد لأحوالهم في الإيمان والتقوى والإحسان . وزعم بعض الجهلة أن هذا الحكم متعلق بالمستقبل وإلا قيل : لم يكن أو ما كان جناح مثل { وما كان الله ليضيع } [ البقرة :143 ] والمعنى لا جناح على من طعمها إذا لم يحصل معه العداوة والبغضاء وسائر المفاسد المذكورة بل حصل معه أنواع المصالح من الطاعة والتقوى والإحسان إلى الخلق . والجواب أن صيغة طعموا وهي المضي تأباه ، وأيضاً إن سبب نزول الآية يكذبه . روى أبو بكر الأصم أنه لما نزل تحريم الخمر قال أبو بكر : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وأكلوا القمار ، وكيف بالغائبين عنا في البلاد لا يشعرون بتحريم الخمر وهم يطعمونها ؟ فنزلت . وعلى هذا فالحال قد ثبت فيما يستقبل لكن في حق الغائبين الذين لم يبلغهم هذا النص . ثم أنه سبحانه شرط في نفي الجناح حصول التقوى والإيمان مرتين ، وفي الثالثة التقوى والإحسان . فقال الأكثرون : الأول فعل الاتقاء ، والثاني دوامه والثبات عليه ، والثالث اتقاء ظلم العباد مع الإحسان إليهم . وقيل الأول اتقاء جميع المعاصي قبل نزول الآية ، والثاني اتقاء الخمر والميسر وما في هذه الآية ، والثالث اتقاء ما يحدث تحريمه بعد هذه الآية ، وهذا قول الأصم . وقيل : اتقوا الكفر ثم الكبائر ثم الصغائر . وقال القفال : الأول الاتقاء من القدح في صحة النسخ ليثبت تحريم الخمر بعد أن كانت مباحة ، والثاني الإتيان بالعمل المطابق للآية ، والثالث المداومة على التقوى مع الإحسان إلى الخلق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.