قوله تعالى : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقُوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَّأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } روى الإمام أحمد في سبب نزول هذه الآية بسنده عن ابن عباس قال : لما حرمت الخمر قال ناس : يا رسول الله ، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها فأنزل الله الآية وروى البخاري عن أنس قال : كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر فأمر منادياً ينادي . فقال أبو طلحة : اخرج فانظر ما هذا الصوت ! قال : فخرجت فقلت : هذا مناد ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت . فقال : اذهب فأهرقها ، وكان الخمر من الفضيخ( {[1070]} ) . قال : فجرت في سكك المدينة . فقال بعض القوم : قتل قوم وهي في بطونهم . فأنزل الله عز وجل { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } الآية( {[1071]} ) .
وتأويل الآية أنه ليس على هؤلاء المؤمنين جناح في كل شيء طعموه من مستلذات المطاعم والمشارب قبل تحريمها إذا كانوا متقين ما حرم الله عليهم منها . { وَّأمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي وثبتوا على الإيمان والعمل الصالح { ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا } أي ثم ثبتوا على التقوى والإيمان { ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا } أي ثم ثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أعمالهم . أو أحسنوا إلى الناس بالمواساة وبذل الخير لهم .
قوله : { وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } وهم أهل الإحسان . وهذه أشرف الدرجات وأعلى المقامات .
وقيل : الاتقاء على ثلاث مراتب ، الأولى : الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق والدينونة به والعمل . والثانية : الثبات على التصديق . والثالثة : الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل . وهو من قول ابن جرير الطبري .
ويستدل من الآية أيضاً على أن نبيذ التمر إذا أسكر سمي خمرًا فصار شربه حرامًا ، قليلا ً أم كثيرًا . وليس صحيحًا ما قيل من حصر التحريم في عصير العنب دون غيره من الأشربة . بل إن كل ما أسكر نوعه حرم شربه قليلا ً أو كثيرًا ، نيئاً أو مطبوخاً سواء كان من العنب أو من غيره من أنواع العصير . ويؤكد ذلك ما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس ، ألا إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل ، وهي من خمسة : من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير . والخمر ما خامر العقل . وهذا أوضح ما يكون في معنى الخمر( {[1072]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.