بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَيۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جُنَاحٞ فِيمَا طَعِمُوٓاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ ثُمَّ ٱتَّقَواْ وَّأَحۡسَنُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (93)

{ لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ }

يعني : شربوا قبل تحريمها ، ولم يعرفوا تحريمها . ويقال : إن بعض الصحابة كانوا في سَفْرَة فشربوا منها بعد التحريم ، ولم يعرفوا تحريمها . فلما رجعوا سألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل : { وَلَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ } يعني : شربوا قبل تحريمها ، { إِذَا مَا اتقوا } الشرك ، { وَآمَنُواْ } يعني : صدقوا بوحدانية الله تعالى ، والقرآن { وَعَمِلُواْ الصالحات ثُمَّ اتَّقَواْ } المعاصي { وَآمَنُواْ } يعني : صدقوا بعد تحريمها { ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ والله يُحِبُّ المحسنين } في أفعالهم ويقال : معناه ليس عليهم جناح فيما طعموا قبل تحريمها إذا اجتنبوا شربها بعد تحريمها .

وروى عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : شرب نفر من أهل الشام الخمر وعليهم يومئذٍ معاوية بن أبي سفيان ، وقالوا هي لنا حلال وتأولوا قوله { لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ } فكتب في ذلك إلى عمر فكتب إليه عمر : أن ابعثهم إليّ ، قبل أن يفسدوا من قِبَلك . فلما قدموا على عمر ، جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم ما ترون ؟ فقالوا : إنهم قد افتروا على الله كذباً ، وشرعوا في دينه ما لم يأذن به ، فاضرب أعناقهم ، وعليّ ساكت فقال : يا عليّ ما ترى ؟ قال : أرى أن تستتيبهم ، فإن تابوا فاضربهم ثمانين جلدة ، وإن لم يتوبوا فاضرب أعناقهم ، فاستتابهم فتابوا ، فضربهم ثمانين جلدة وأرسلهم .