{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } من المطاعم التي يشتهونها ، والطعم وإن كان استعماله في الأكل أكثر لكنه يجوز استعماله في الشرب ، ومنه قوله تعالى : { ومن لم يطعمه فإنه مني } أباح الله لهم سبحانه في هذه الآية جميع ما طعموا كائنا ما كان مقيدا بقوله : { إذا ما اتقوا } ما هو محرم عليهم كالخمر وغيره من الكبائر وجميع المعاصي { وآمنوا } بالله ورسوله { وعملوا الصالحات } من الأعمال التي شرعها الله لهم واستمروا على عملها { ثم اتقوا } ما حرم عليهم بعد ذلك مع كونه مباحا فيها سبق { وآمنوا } بتحريمه ، هذا معنى الآية .
وقيل التكرير باعتبار الحالات الثلاث : استعمال الإنسان التقوى بينه وبين نفسه ، وبينه وبين الناس ، وبينه وبين الله ، وقيل باعتبار المراتب الثلاث المبدأ والوسط والمنتهى ، وقيل باعتبار ما يتقيه الإنسان فإنه ينبغي له أن يترك المحرمات توقيا من العقاب ، والشبهات توقيا من الوقوع في الحرام ، وبعض المباحات حفظا للنفس عن الخسة وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة .
وقيل التكرير لمجرد التأكيد كما في قوله تعالى : { كلا سوف تعلمون ، ثم كلا سوف تعلمون } ونظائره{[662]} .
وهذه الوجوه كلها مع قطع النظر عن سبب نزول الآية . أما مع النظر إلى سبب نزولها وهو أنه لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة : كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر فنزلت ، فقد قيل إن المعنى : اتقوا الشرك وآمنوا بالله ورسوله ثم اتقوا الكبائر وآمنوا أي ازدادوا إيمانا { ثم اتقوا } الصغائر ، قال أبو السعود : ولا ريب في أنه لا تعلق لهذه العبارات بالمقام فأحسن التأمل انتهى .
{ وأحسنوا } أي تنقلوا قال ابن جرير الطبري : الاتقاء الأول هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق والدينونة به والعمل ، والاتقاء الثاني الاتقاء بالثبات على التصديق ، والاتقاء الثالث بالإحسان والتقرب بالنوافل .
قلت : والحق أنه ليس تخصيص هذه المرات بالذكر لتخصيص الحكم بها بل لبيان التعدد والتكرير بالغا ما بلغ { والله يحب المحسنين } أي المتقربين إليه بالإيمان والأعمال الصالحة والتقوى والإحسان ، وهذا ثناء ومدح لهم على الإيمان والتقوى والإحسان ، لأن هذه المقامات من أشرف الدرجات وأعلاها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.