قوله : { لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ } أي من المطاعم التي يشتهونها ، والطعم وإن كان استعماله في الأكل أكثر لكنه يجوز استعماله في الشرب ، ومنه قوله تعالى : { وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى } أباح الله سبحانه لهم في هذه الآية جميع ما طعموا كائناً ما كان مقيداً بقوله : { إِذَا مَا اتقوا } أي اتقوا ما هو محرّم عليهم كالخمر وغيره من الكبائر ، وجميع المعاصي { وَآمَنُواْ } بالله { وَعَمِلُواْ الصالحات } من الأعمال التي شرعها الله لهم : أي استمروا على عملها . قوله : { ثُمَّ اتَّقَواْ } عطف على اتقوا الأوّل ، أي اتقوا ما حرّم عليهم بعد ذلك مع كونه كان مباحاً فيما سبق { وَآمَنُواْ } بتحريمه { ثُمَّ اتَّقَواْ } ما حرّم عليهم بعد التحريم المذكور قبله مما كان مباحاً من قبل { وَأَحْسِنُواْ } أي عملوا الأعمال الحسنة ، هذا معنى الآية ؛ وقيل : التكرير باعتبار الأوقات الثلاثة ؛ وقيل : إن التكرير باعتبار المراتب الثلاث ، المبدأ ، والوسط ، والمنتهى ؛ وقيل : إن التكرار باعتبار ما يتقيه الإنسان ، فإنه ينبغي له أن يترك المحرّمات توقياً من العذاب ، والشبهات توقياً من الوقوع في الحرام ، وبعض المباحات حفظاً للنفس عن الخسة ؛ وقيل إنه لمجرّد التأكيد ، كما في قوله تعالى : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } هذه الوجوه كلها مع قطع النظر عن سبب نزول الآية إما مع النظر إلى سبب نزولها ، وهو أنه لما نزل تحريم الخمر ، قال قوم من الصحابة : كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ؟ فنزلت ، فقد قيل : إن المعنى { اتقوا } الشرك { وَآمَنُواْ } بالله ورسوله { ثُمَّ اتَّقَواْ } الكبائر { وَآمَنُواْ } أي ازدادوا إيماناً { ثُمَّ اتَّقَواْ } الصغائر { وَأَحْسِنُواْ } أي تنفلوا . قال ابن جرير الطبري : الاتقاء الأول : هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق والدينونة به والعمل ، والاتقاء الثاني : الاتقاء بالثبات على التصديق ، والثالث : الاتقاء بالإحسان والتقرّب بالنوافل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.