تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (73)

73- وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك . . . الآية . أي هو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما – خلقا مشتملا على الحكمة الرفيعة ، ومنها أن يعرف بآياته فيها فيعبد ويقصد ، ولم يخلقها عبثا وباطلا . وقضاؤه المتصف بالحق والصواب – دائما – نافذ ، حين يقول لشيء من الأشياء كن فيكون . ذلك الشيء ويوجد بأمره فورا ، وفق تدبيره وإرادته .

وفي آية أخرى يقول سبحانه :

إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . ( يس : 82 ) .

قوله الحق . قوله سبحانه هو الحق الكامل ، يأمر بالبعث والحشر فتطيعه الخلائق ، أي فكيف ندعوا من دونه ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرتد على أعقابنا .

وله الملك يوم ينفخ في الصور . أي إن الملك لله تعالى وحده في ذلك اليوم فلا ملك لأحد سواه .

والصور قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء . والثانية للإنشاء .

قال تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . ( الزمر : 68 ) .

واعلم أن الملك دائما لله في الدنيا والآخرة ، ولكن الله أعطى بعض عباده الملك ظاهرا وصورة في الدنيا ، ويوم القيامة لا يجدون لملكهم ظلا ولا أثرا ، وفي هذا المعنى قال تعالى : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار . ( غافر : 16 ) . وقال سبحانه : الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا . . . ( الفرقان : 26 ) .

عالم الغيب والشهادة . الغيب ما غاب عن الناس فلم يدركوه ، والشهادة الزمور التي يشهدها الناس ويشاهدونها ، ويتوصلون إلى علمها .

فالله هو العالم بما غاب وبما حضر من كل شيء .

وهو الحكيم الخبير .

- الحكيم – صاحب الحكمة في جميع أفعاله .

- الخبير – المطلع على خفايا الأمور وظواهرها .