الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (73)

/{[20417]} قوله : { وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق } الآية{[20418]} [ 73 ] .

المعنى : والله{[20419]} – الذي أمرتم أن تسلموا له – هو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ، وهو رب العالمين{[20420]} .

ومعنى { بالحق } أي : حقا وصوابا ، لا باطلا{[20421]} . وقيل : المعنى : خلق السماوات والأرض بكلامه وقوله لهما : { ائتنا{[20422]} طوعا أو كرها }{[20423]} ، فالحق هنا : كلامه ودليله{[20424]} .

( قوله ){[20425]} : { قوله الحق } الآية [ 74 ] .

( ف( الحق ){[20426]} ) : كلامه ، خلق به ( الأشياء المخلوقة ){[20427]} ، وما خلق به الأشياء فهو غير مخلوق{[20428]} .

وقيل{[20429]} : المعنى : خلقهن{[20430]} ( للحق ){[20431]} ، يعني المعاد .

و{ قوله }{[20432]} مرفوع ( ب( يكون ) ){[20433]} ، و( الحق ) : نعته{[20434]} . وقيل : المعنى : فيكون ما أراد . و{ قوله الحق{[20435]} } : ابتداء وخبر{[20436]} .

وقال الفراء : المعنى : ويوم يقول للصور : كن ، فيكون ، و( قولُه ) : ابتداء و( الحق ) خبره{[20437]} .

و{ الصور } عند أبي عبيدة : جمع صورة{[20438]} . وقيل : هو القرن الذي ينفخ فيه{[20439]} .

وقوله : { يوم ينفخ } بدل من { يوم يقول }{[20440]} . وقيل : العامل فيه : { الحق }{[20441]} . وقيل : العامل فيه { وله الملك }{[20442]} ، لأنه يوم لا منازع له في الملك ، فلذلك خصه بالذكر ، وأن كان هو المالك في كل الأحيان{[20443]} ، وهو مثل : { ملك يوم الدين }{[20444]} .

{ عالم الغيب } : رفع على النعت ل{ الذي } في قوله : { وهو الذي خلق }{[20445]} . وقيل : { هو }{[20446]} رفع على إضمار مبتدأ{[20447]} . وقيل : هو رفع بالمعنى ، والتقدير : ينفخ فيه عالم { الغيب }{[20448]} .

والنفخ في الصور نفختان : واحدة لفناء من كان حيا على الأرض ، والثانية لنشر{[20449]} كل ميت ، وبذلك أتى القرآن{[20450]} .

وقد تظاهرت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن إسرافيل قد التقم الصور ( وحنى ){[20451]} جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ " وأنه قال : " الصور قرن{[20452]} ينفخ فيه " {[20453]} .

قال قتادة : ينفخ فيه من الصخرة من بيت المقدس .

والصور قرن فيه أرواح الخلق{[20454]} فينفخ فيه ، فيذهب كل روح إلى جسده فيدخل فيه{[20455]} .

وروي عن ابن عباس : ( أن عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور ){[20456]} وتكون الآية بمنزلة قول الشاعر :

لبيك{[20457]} يزيد ضارع لخصومه{[20458]} . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومعنى { عالم الغيب{[20459]} } أي : يعلم ما يغيب عنكم ، { والشهادة } أي : يعلم أيضا ما تشاهدون{[20460]} ، { وهو الحكيم } في تدبيره ، { الخبير }{[20461]} بأعمالكم{[20462]} .

وقوله : { بالحق } : وقف إن نصبت { و } يوم على معنى : واذكر ، و{ كن }{[20463]} : تمام ، ( و ){[20464]} { فيكون }{[20465]} تمام إن رفعت { قوله } بالابتداء ، وجعلت { فيكون } للصور ، أو على معنى : فيكون ما أراد ، { قوله الحق } : تمام حسن إن جعلت { يوم ينفخ } نصب بقوله : { وله الملك } . ( ويقف على{[20466]} { وله الملك }{[20467]} ) إن نصبت { يوم ينفخ } ، بمعنى : واذكر . و{ في الصور } وقف إن جعلت { عالم الغيب } على معنى { هو }{[20468]} فإن جعلته نعتا ل{ الذي } – أو على إضمار فعل يدل عليه { ينفخ }- ، لم تقف على { الصور }{[20469]} .

وقد قرأ الحسن { عالم }{[20470]} بالخفض على البدل من الهاء في قوله { وله }{[20471]} .


[20417]:بعضها مطموس في بعض الخرم.
[20418]:الظاهر من الخرم في (أ) أنها ساقطة.
[20419]:ب: هو.
[20420]:انظر: تفسير الطبري 11/458.
[20421]:انظر: المصدر السابق.
[20422]:ب: ايتنا.
[20423]:فصلت آية 10.
[20424]:انظر: تفسير الطبري 11/459.
[20425]:ساقطة من ب ج د.
[20426]:أ: فاحق.
[20427]:ب: الأنبياء المخلوقات.
[20428]:انظر: الحيدة 24 وما بعدها.
[20429]:ساقطة من ج.
[20430]:ج: خلقهم.
[20431]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها: للخلق.
[20432]:مكررة في ج د.
[20433]:ب: فيكون. وانظر: تفسير الطبري 11/460، 462.
[20434]:انظر: معاني الفراء 1/340، ومعاني الزجاج 2/264، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20435]:مكرر في د.
[20436]:انظر: معاني الفراء 1/340، وتفسير الطبري 11/460، 461، ومعاني الزجاج 2/263، 264، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20437]:انظر: معانيه 1/340.
[20438]:هو قول أبي عبيدة في مجازه 1/196، وقول آخرين في تفسير الطبري 11/463، و(أهل اللغة على هذا) في معاني الزجاج 2/264. وفي التفسير الكبير 12/33 رد قول أبي عبيدة، بل التنقيص منه.
[20439]:هو معنى حديث ورد في تفسير الطبري 11/462، 463، وانظر: معاني الزجاج 2/264.
[20440]:في الآية السابقة. وانظر: تفسير الطبري 11/460، ومعاني الزجاج 2/264، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20441]:انظر: تفسير الطبري 11/، ومعاني الزجاج 2/264، وإعراب النحاس 1/557.
[20442]:انظر: تفسير الطبري 11/460، 461، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20443]:ب: الأحيار. وانظر: تفسير الطبري 11/462، ومعاني الزجاج 2/264.
[20444]:الفاتحة آية 3.
[20445]:في الآية السابقة. وانظر: تفسير الطبري 11/464، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20446]:ساقطة من ب.
[20447]:انظر: إعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20448]:ساقطة من ب وانظر: تفسير الطبري 11/459، 464، وإعراب النحاس 1/557، وإعراب مكي 257.
[20449]:د: لنسر.
[20450]:كما في قوله: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}[الزمر: 65]. وانظر: تفسير الطبري 11/462، وفيه 11/464 أنه قول ابن عباس.
[20451]:ب: حتى. ج د: حنا.
[20452]:ب ج د: قرن من نور.
[20453]:تفسير الطبري 11/463، وانظر: المطالب العالية 4/367.
[20454]:ب ج د: الخلائق.
[20455]:قال السيوطي في الدر 3/299: (وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة أنه قرأ {يوم ينفخ في الصور} أي: في الخلق)، وفي روح المعاني 791: (وقرأ قتادة (في الصور) جمع صورة، والمراد بها الأبدان التي تقوم – بعد نفخ الروح فيها – لرب العالمين). وقال في الرائد 211، 212: (وروي أن إسرافيل يكون – حين النفخ – واقفا على صخرة بَيتِ المقدس فيَنْفخُ، ويقول: يا أيتها العظام النخرة، والجلود المتمزقة، والأشعار المتمعطة – أي: الساقطة، إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل القضاء).
[20456]:تفسير الطبري 11/463، وحكاه الأخفش عن بعضهم في معانيه 493.
[20457]:ب ج د: لبيك.
[20458]:ب: لخصومه. وهو شاهد لرفع (عالم) حملا على المعنى. وفي الكتاب 1/288 أنه قول الحارث بن نهيك، وعجزه هو: (ومختبط مما تطيح الطوائح)، واستشهد به أيضا في 1/366، 398، وعجزه في إعراب النحاس 1/557: (وأشعث ممن طوحته الطوائح)، وهو من شواهد إعراب مكي 257 وشواهد إعراب ابن الأنباري 1/327، وعجزه في المحرر 6/84: (وآخر ممن طوحته الطوائح).
[20459]:ج د: الغيب والشهادة.
[20460]:د: تشهدون.
[20461]:ب: الخير.
[20462]:انظر: تفسير الطبري 11/464، 465.
[20463]:انظر: المصدر السابق.
[20464]:ساقطة من ج.
[20465]:في الآية السابقة.
[20466]:ب: وعلى.
[20467]:ساقطة من أ.
[20468]:في الآية السابقة.
[20469]:هذا الاختلاف في الوقف باختلاف الإعراب: في القطع 308، 309، وانظر: بعضه في المقصد 34.
[20470]:ب ج د: عالم الغيب.
[20471]:وهي قراءة الأعمش وعاصم أيضا في إعراب النحاس 1/557، والقطع 309، ولم يذكر مكي في إعرابه 257، 258 عاصما.