/ [ 73 ] { وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير } .
{ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق } أي : بالحكمة ، كقوله : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا }{[3509]} .
وقوله تعالى : { ويوم يقول كن فيكون قوله الحق } بيان لقدرته تعالى على حشرهم ، بكون مراده لا يتخلف عن أمره ، وأن قوله وأمره هو النافذ والواقع . والمراد ب ( القول ) كلمة ( كن ) تحقيقا أو تمثيلا . ف { قوله الحق } مبتدأ وخبر . و { يوم } ظرف لمضمون هذه الجملة . كقوله تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }{[3510]} وكأن قوله تعالى : { وهو الذي خلق السماوات } الخ عقب قوله : { وهو الذي إليه تحشرون } سيق للاحتجاج على قدرته تعالى على البعث ، ردا على منكري ذلك من المشركين ، الذين السياق فيهم . وما أشبه الآية بقوله تعالى : { أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ، بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئا . . . } {[3511]} الآية .
ولا يخفى أن باستحضار النظائر القرآنية ، تنجلي الحقائق . وقد توسع المفسرون هنا في إعراب هذه الجملة ، بسرد وجوه ضاع الظاهر بينها- وقد علمته ، فاحرص عليه- .
/ { وله الملك يوم ينفخ في الصور } أي : فلابد أن يفعل بالمطيع والعاصي فعل الملوك ، لمن يطيعهم أو يعصيهم . ف { يوم } ظرف لقوله : { وله الملك } - قاله أبو السعود- وتقييد اختصاص الملك به تعالى ، بذلك اليوم ، مع عموم الاختصاص لجميع الأوقات ، لغاية ظهور ذلك ، بانقطاع العلائق المجازية الكائنة في الدنيا ، المصححة للمالكية المجازية في الجملة ، كقوله تعالى : { لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار }{[3512]} . وقوله : { الملك يومئذ الحق للرحمن }{[3513]} .
وقد زعم بعضهم أن المراد ب { الصور } هنا جمع صورة ، أي : يوم ينفخ فيها ، فتحيى . قال ابن كثير : والصحيح أن المراد ب { الصور } القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام ، وهكذا قال ابن جرير{[3514]} : الصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال{[3515]} : " إن إسرافيل قد التقم الصور ، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ " .
وروى الإمام أحمد{[3516]} عن عبد الله بن عمرو قال : " إن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور ؟ / فقال : قرن ينفخ فيه " . ورواه أبو داود والترمذي والحاكم ، عنه أيضا .
{ عالم الغيب والشهادة } أي هو عالمهما ، { وهو الحكيم الخبير } ذو الحكمة في سائر أفعاله . والعلم بالأمور الجلية والخفية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.