النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (73)

قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأرْضَ بِالحَقِّ } في الحق الذي خلق به السموات والأرض أربعة أقاويل :

أحدها : أنه الحكمة .

والثاني : الإِحسان إلى العباد .

والثالث : نفس خلقها فإنه حق .

والرابع : يعني بكلمة الحق .

{ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ } فيه قولان :

أحدهما : أن يقول ليوم القيامة : كن فيكون ، لا يثنِّي إليه القول مرة بعد أخرى ، قاله مقاتل .

والثاني : أنه يقول للسموات كوني صوراً يُنْفَخ فيه لقيام الساعة ، فتكون صوراً مثل القرآن ، وتبدل سماءً أخرى ، قاله الكلبي .

وفي قوله تعالى : { . . . وَلَهُ المُلكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ } قولان :

أحدهما : أن الصور قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء ، والثانية للإِنشاء علامة للانتهاء والابتداء ، وهو معنى قوله تعالى :

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ }

[ الزمر : 68 ] .

والثاني : أن الصور جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا .

ثم قال تعالى : { عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ . . . } فيه قولان :

أحدهما : أنه عائد إلى خلق السموات والأرض ، والغيب ما يغيب عنكم ، والشهادة ما تشاهدون .

والثاني : أنه عائد إلى نفخ الصور هو عالم الغيب والشهادة المتولي للنفخة .