فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ كتاب أنزل إليك } أي : هو كتاب وقال الكسائي أي هذا كتاب يعني القرآن أي القدر الذي كان قد نزل منه وقت نزول هذه الآية { فلا يكن في صدرك حرج منه } الحرج الضيق أي ضيق من إبلاغه إلى الناس مخافة أن يكذبوك ويؤذوك فإن الله حافظك وناصرك ، وقيل المراد لا يضيق صدرك حيث لم يؤمنوا به ولم يستجيبوا لك فإنما عليك البلاغ .

وقال مجاهد وقتادة الحرج هنا الشك لأن الشك ضيق الصدر أي لا تشك في أنه منزل من عند الله . وعلى هذا يكون النهي له صلى الله عليه وآله وسلم من باب التعريض ، والمراد أمته أي لا يشك أحد منهم في ذلك ، والضمير في ( منه ) راجع إلى الكتاب فعلى الأول التقدير من إبلاغه ، وعلى الثاني التقدير من إنزاله .

{ لتنذر به } أي لتنذر الناس بالكتاب الذي أنزلناه إليك ، وهو متعلق بأنزل أي أنزل إليك لإنذارك للناس به أو متعلق بالنهي ، لأن انتفاء الشك في كونه منزلا من عند الله أو انتفاء الخوف من قومه يقويه على الإنذار ويشجعه لأن المتيقن يقدم على بصيرة ويباشر بقوة نفس ، وصاحب اليقين جسور متوكل على ربه .

{ وذكرى للمؤمنين } قال البصريون وذكر به ذكرى ، أو المعنى للإنذار وللذكرى ، وقال أبو إسحاق الزجاج وهو ذكرى ، وتخصيصه بالمؤمنين لأنهم الذين ينجع فيهم ذلك ، وفيه إشارة إلى تخصيص الإنذار بالكافرين .