السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (99)

قال الله تعالى : { ولو شاء ربك } يا محمد { لآمن } بك وصدّقك { من في الأرض كلهم } بحيث لم يشذ منهم أحد { جميعاً } أي : مجتمعين على ذلك في آن واحد لا يختلفون في شيء منه ولكن لم يشأ أن يصدّقك ويؤمن بك إلا من سبقت له السعادة في الأزل ، وفي هذا تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه كان حريصاً على إيمانهم كلهم ، فأخبر الله تعالى أنه لا يؤمن به إلا من سبقت له السعادة الأزلية فلا تتعب نفسك على إيمانهم . وهو قوله تعالى : { أفأنت تكره الناس } أي : الذين لم يرد الله إيمانهم { حتى يكونوا مؤمنين } أي : ليس إيمانهم إليك حتى تكرههم عليه وتحرص عليه ، إنما إيمان المؤمن وإضلال الكافر بمشيئة الله تعالى وقضائه وليس لأحد ذلك سواه كما قال تعالى : { وما كان } .