الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ} (99)

ثم قال تعالى : { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا }[ 99 ] : أي : لوفقهم إلى الإيمان بك يا محمد – وبما جئت به . ولكن قد سبق في قضائه من يؤمن{[31672]} ، ومن لم يؤمن : وهذا كله رد على المعتزلة الذين يقولون : إن الإيمان والكفر مفوضان إلى العبد ، بل كل عامل قد علم الله عز وجل ، ما هو عامل قبل خلقه له . ولا تقع المجازاة إلا على ظهور أعمال{[31673]} العاملين . فخلقهم ليعملوا{[31674]} ما قد علم أنهم عاملون ، فيجازيهم على ذلك بعد ظهور منهم ، وإقامة الحجة عليهم .

وقوله { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا } يدل على ذلك ويبينه{[31675]} .

{ أفأنت } يا محمد { تكره الناس }[ 99 ] حتى يؤمنوا بك ؟

وفي الإتيان ( بجميع ) بعد ( كلهم ) قولان : أحدهما أنه زيادة تأكيد ، ونصبه على الحال{[31676]} . وقيل : لما كان كل{[31677]} يقع تأكيدا ، ويقع اسما غير تأكيد أتى معه بما لا يكون تأكيدا ، وهو ( جميعا ) ، فجمع بينهما ، ليعلم أن معناهما{[31678]} واحد ، أنه للتأكيد{[31679]} .


[31672]:ق: يونس.
[31673]:ق: العمال.
[31674]:ق: ليعلموا.
[31675]:انظر هذا التعليل منقولا عند ابن عطية في المحرر 9/96.
[31676]:انظر هذا الإعراب في: جامع البيان 15/212، وإعراب النحاس 2/269.
[31677]:ساقط من ط.
[31678]:ق: معنى هما.
[31679]:ق: التأكيد، وانظر: جامع البيان 15/212.