واختلفوا في سبب نزول قوله تعالى : { وإن } أي : وإن هم { كادوا } أي : الأعداء { ليستفزونك } أي : ليزعجونك بمعاداتهم { من الأرض ليخرجوك منها } فقال ابن عباس : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة حسدته اليهود وكرهوا قربه منهم ، فقالوا : يا أبا القاسم إنّ الأنبياء إنما بعثوا بالشام وهي بلاد مقدسة وكانت مسكن إبراهيم فلو خرجت إلى الشام آمنا بك وأتبعناك ، وقد علمنا أنه لا يمنعك من الخروج إلا خوف الروم فإن كنت رسول الله فالله يمنعك منهم فعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أميال من المدينة وقيل بذي الحليفة حتى يجتمع إليه أصحابه ويراه الناس عازماً على الخروج إلى الشام فيدخلون في دين الله فنزلت هذه الآية فرجع وهذا قول الكلبيّ وعلى هذا فالآية مدنية والمراد بالأرض أرض المدينة .
وقال قتادة ومجاهد : الأرض أرض مكة والآية مكية ، همّ المشركون أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكفهم الله تعالى عنه حتى أمره بالهجرة فخرج بنفسه . قال ابن عادل تبعاً للرازي : وهذا أليق بالآية لأنّ ما قبلها خبر عن أهل مكة والسورة مكية وهذا اختيار الزجاج وكثير في التنزيل ذكر الأرض والمراد منها مكان مخصوص كقوله تعالى : { أو ينفوا من الأرض } [ المائدة ، 33 ] أي : من مواضعهم . وقوله تعالى حكاية عن أخي يوسف : { فلن أبرح الأرض } [ يوسف ، 80 ] يعني الأرض التي كان قصدها لطلب الميرة . فإن قيل : قال تعالى : { وكأين من قرية هي أشدّ قوّة من قريتك التي أخرجتك } [ محمد ، 13 ] يعني أهل مكة فالمراد أهلها ، فذكر تعالى أنهم أخرجوه ، وقال تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها } فكيف الجمع بينهما على القول الثاني ؟ أجيب : بأنهم هموا بإخراجه وهو صلى الله عليه وسلم ما خرج بسبب إخراجهم وإنما خرج بأمر الله تعالى وحينئذٍ فلا تناقض { وإذاً } أي : وإذا أخرجوك { لا يلبثون خلفك } أي : بعد إخراجك لو أخرجوك { إلا } زمناً { قليلاً } وقد كان كذلك على القول الثاني ، فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته ، وعلى القول الأوّل قتل منهم بني قريظة وأجلى بني النضير بقليل . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وشعبة بفتح الخاء وسكون اللام والباقون بكسر الخاء وفتح اللام وبعدها ألف ، قال الشاعر :
عفت الديار ، أي : اندرست خلافهم ، أي : خلفهم .
فكأنما بسط الشواطب بينهنّ حصيرا
الشواطب النساء اللاتي يشققن الجريد ليعملن منه الحصير والشطب والشواطب سعف النخل الأخضر يصف دروس ديار الأحبة بعدهم وأنها غير منكوسة كأنما بسط فيها سعف النخل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.