الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا} (76)

ثم قال : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجونك منها } [ 76 ] .

أي : إن كاد هؤلاء المشركون أن يستخفونك من الأرض التي أنت فيها ليخرجوك منها ، ولو أخرجوك منها لم يلبثوا خلفك فيها إلا قليلا {[41589]} .

قيل : إنهم [ هم {[41590]} ] اليهود . أرادوا أن يحتالوا {[41591]} على النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج من المدينة . وقالوا له إن أرض الأنبياء أرض الشام . وإن هذه ليست بأرض نبيء فأنزل الله [ عز وجل {[41592]} ] الآية . قال هذا المعتمر {[41593]} بن سليمان عن أبيه {[41594]} .

وقيل : هم قريش أرادوا إخراج النبي [ صلى الله عليه وسلم {[41595]} ] من مكة قاله قتادة {[41596]} . و[ قال {[41597]} ] : قد فعلوا/ ذلك بعد ، فأهلكهم الله [ عز وجل {[41598]} ] يوم بدر : وكانت سنة الله [ عز وجل {[41599]} ] في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك .

وقال الحسن : همت قريش بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم {[41600]} من مكة فأراد الله [ عز وجل {[41601]} ] نفي {[41602]} قريش فأمره {[41603]} الله [ عز وجل {[41604]} ] أن يخرج منها مهاجرا إلى المدينة فخرج بأمر الله [ عز وجل {[41605]} ] ولو أخرجوه هم لهلكوا كما قال : { وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا } [ 76 ] .

وقيل : الأرض {[41606]} هنا أريد بها أرض الحجاز {[41607]} . وقيل : مكة ، وعليها أكثر المفسرين . وقيل : المدينة ، وفيه بعد . لأن السورة مكية ولم يكن النبي [ عليه السلام ] في المدينة عند {[41608]} نزول هذه الآٍية ، فالأرض : يعني : بها مكة أحسن وأولى .

وقوله : { إلا قليلا } أي : [ إلا {[41609]} ] وقتا قليلا . وهو ما أقاموا بمكة بعده من حيث خرج عنهم إلى وقعة بدر . قاله : ابن عباس والضحاك {[41610]} .

و {[41611]} " خلفك " : معناه : بعدك {[41612]} . ومن قرأ " خلافك " {[41613]} فهي لغة فيه . وقيل معناه : مخالفتك ، قاله الفراء {[41614]} .

وإذن : حرف نظيره في الأفعال ، أرى {[41615]} وأظن {[41616]} . فإذا تقدم عمل ، وإذا تأخر أو توسط لم يعمل لضعفه عن قوة الفعل . ولقوة الفعل جاز عمله متوسطا ومتأخرا وإلغاؤه . وإذا كانت إذن مبتدأة عملت . فإن كانت بين كلامين لم تعمل . فإن كان قبلها {[41617]} حرف عطف جاز الأعمال والإلغاء ، ولذلك لم تعمل {[41618]} في " لبثوا " . وفي مصحف عبد الله " وإذا : لا يلبثون خلفك " اعمل إذن في الفعل فهذا حالها مع حرف العطف .

ومعنى إذن : إن كان الأمر كما ذكرت ، أو كما جرى بقول القائل : زيد يأتيك {[41619]} ، إذن أكرمه : إذن أكرمه . أي إن كان الأمر كما ذكرت وقع إكرامه مني . فإكرامه {[41620]} والفعل {[41621]} منصوب بعد إذن بأن الضمير {[41622]} في التقدير . هذا مذهب حكي عن الخليل وسيبويه .

و {[41623]} يروى : {[41624]}أن إذن هي الناصبة للفعل [ لأنها {[41625]} ] لما يستقبل لا غير .


[41589]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/132.
[41590]:ساقط من ط.
[41591]:ط: "يختالوا".
[41592]:ساقط من ق.
[41593]:الأحزاب: 30، وانظر: معاني الزجاج 3/254.
[41594]:انظر: هذا القول في جامع البيان 15/132، وفيه "زعم حضرمي ..." والجامع 10/195 يحكيه عن ابن عباس، والدر 5/320 كما في جامع البيان: "زعم حضرمي ...". وفي أن القائلين لذلك هم اليهود. انظر أيضا معاني الفراء 2/128، 129ن وفي الدر 5/320 أنه قول عبد الرحمن بن غنم.
[41595]:ساقط من ق.
[41596]:وهو قول مجاهد أيضا. انظر: جامع البيان 15/132، والجامع 10/195، والدر 5/320.
[41597]:ساقط من ق.
[41598]:ساقط من ق.
[41599]:ساقط من ق.
[41600]:ط: عليه السلام.
[41601]:ساقط من ق.
[41602]:طمست الكلمة، ولعلها غير الذي في (ق).
[41603]:ساقط من ق.
[41604]:ساقط من ق.
[41605]:ساقط من ق.
[41606]:الإسراء: ط: "... إن الأرض".
[41607]:انظر: الجامع 10/195.
[41608]:ق: "منذ".
[41609]:ساقط من ق.
[41610]:انظر: جامع البيان 15/133، والجامع 10/196.
[41611]:ساقط من ق.
[41612]:انظر: غريب القرآن 259.
[41613]:وهي قراءة ابن عامر وحمزة وحفص والكسائي. انظر: السبعة 384، والحجة 408، والكشف 2/50، والتيسير 141، والنشر 2/308، وتحبير التيسير 136.
[41614]:انظر: معاني الفراء 2/129.
[41615]:ق: "أن".
[41616]:ق: "الظن".
[41617]:ق: "... كان فيما حرض".
[41618]:ق: "يعمل".
[41619]:ساقط من ق.
[41620]:ط: زيادة لم أتبينها.
[41621]:ط: "فالفعل".
[41622]:ط: "المضمرة".
[41623]:ساقط من ط.
[41624]:ط: "يرى".
[41625]:ساقط من ط.