السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (27)

ثم عقب ذلك ببيان قدرته على تعاقب الليل والنهار والموت والحياة وسعة فضله فقال :

{ تولج } أي : تدخل { الليل في النهار } حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات { وتولج } أي : تدخل { النهار في الليل } حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة ، والنهار تسع ساعات فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر { وتخرج الحيّ من الميت } كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة { وتخرج الميت من الحيّ } كالنطفة من الإنسان والبيضة من الطائر ، وقال الحسن وعطاء : تخرج المؤمن من الكافر ، وتخرج الكافر من المؤمن فالمؤمن حيّ الفؤاد والكافر ميت الفؤاد قال الله تعالى : { أو من كان ميتاً فأحييناه } ( الأنعام ، 122 ) وقال الزجاج : تخرج النبات الغض الطريّ من الحب اليابس وتخرج الحب اليابس من النبات الحيّ النامي ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة : { الميت } بسكون الياء والباقون بكسر الياء مشدّدة .

{ وترزق من تشاء بغير حساب } أي : رزقاً واسعاً . عن عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنّ فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران شهد الله إلى قوله : { إنّ الدين عند الله الإسلام } ، { وقل اللهمّ مالك الملك } إلى قوله { بغير حساب } معلقات ما بينهنّ وبين الله عز وجل حجاب قلن يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك ؟ قال الله عز وجل بي حلفت لا يقرأكنّ أحد دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه على ما كان فيه ولأسكننه حظيرة قدسي ولأنظرن إليه بعيني المكنونة كل يوم سبعين مرّة ولأقضينّ له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ولأعيذنه من كل عدوّ وحاسد ولأنصرنه منه ) .