السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۚ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ يُلۡقُونَ أَقۡلَٰمَهُمۡ أَيُّهُمۡ يَكۡفُلُ مَرۡيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ يَخۡتَصِمُونَ} (44)

{ ذلك } أي : ما قصصناه عليك يا محمد من حديث زكريا ويحيى ومريم وعيسى { من أنباء الغيب نوحيه إليك } أي : من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي { وما كنت لديهم } أي : عندهم { إذ يلقون أقلامهم } في الماء أي : سهامهم التي طرحوها فيه وعليها علامة على القرعة وقيل : هي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة اختاروها للقرعة تبركاً بها ليعلموا { أيهم يكفل مريم } أي : يحضنها ويربيها ، فأيّ متعلق بمحذوف كما علم من التقدير { وما كنت لديهم إذ يختصمون } في كفالتها فتعرف ذلك فتخبر به وإنما عرفته من جهة الوحي .

فإن قيل : لم نفيت المشاهدة وانتفاؤها معلوم من غير شبهة وترك نفي استماع الأنباء من حفاظها وهو موهوم ؟ أجيب : بأنه كان معلوماً عندهم علماً يقيناً أنه ليس من أهل السماع والقراءة وكانوا منكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع له ولا قراءة ومثل ذلك قوله تعالى : { وما كنت بجانب الغربي } ( القصص ، 44 ) { وما كنت بجانب الطور } ( القصص ، 26 ) { وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم } ( يوسف ، 102 ) واذكر .