السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ} (19)

{ وأهديك إلى ربك } أي : وأنبهك على معرفة المحسن إليه { فتخشى } لأنّ الخشية لا تكون إلا بالمعرفة قال الله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } [ فاطر : 28 ] أي : العلماء به ، وذكر الخشية لأنها ملاك الأمر من خشي الله تعالى أتى منه كل خير ، ومن أمن اجترأ على كل شرّ . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل » بدأ بمخاطبته بالاستفهام الذي معناه العرض كما يقول الرجل لضيفه : هل لك أن تنزل بنا ، وأردفه الكلام الرفيق ليستدعيه للتلطف في القول ويستنزله بالمداراة من علوه كما أمر بذلك في قوله تعالى : { فقولا له قولاً ليناً } [ طه : 25 ] الآية . وقال الرازي : سائر الآيات تدل على أنه تعالى لما نادى موسى عليه السلام ذكر له أشياء كثيرة { نودي يا موسى 11 إني أنا ربك } [ طه – 12 ] إلى قوله تعالى : { لنريك من آياتنا الكبرى 23 اذهب إلى فرعون إنه طغى } [ طه : 23 24 ] فدل قوله تعالى : { اذهب إلى فرعون إنه طغى } أنه من جملة ما ناداه به لا كل ما ناداه به ، وأيضاً فليس الغرض أنه عليه السلام كان مبعوثاً إلى فرعون فقط ، بل إلى كل من كان في الطور إلا أنه خصه بالذكر لأنّ دعوته جارية مجرى كل القوم .