السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (39)

ولما بيّن تعالى أنّ هؤلاء الكفار إن انتهوا عن كفرهم حصل لهم الغفران ، وإن عادوا فهم متوعدون سنة الأوّلين أتبعه بالأمر بقتالهم إذا أصرّوا ، فقال تعالى :

{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } أي : شرك كما قاله ابن عباس ، وقال الربيع : حتى لا يفتن أحدكم عن دينه ؛ لأنّ المؤمنين كانوا يفتنون عن دين الله في مبدأ الدعوة ، فافتتن من المسلمين بعضهم ، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى الحبشة ، وفتنة ثانية وهو أنه لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة توامرت قريش أن يفتنوا المؤمنين بمكة عن دينهم ، فأصاب المؤمنين جهد شديد ، فأمر الله تعالى بقتالهم حتى تزول هذه الفتنة { ويكون الدين كله } خالصاً { لله } تعالى وحده لا يعبد غيره { فإن انتهوا } عن الكفر { فإن الله بما يعملون بصير } أي : فيجازيهم به .