التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (39)

قوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } يعني : حتى لا يكون شرك .

قال البخاري : حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عبد الله بن يحيى ، حدثنا حيوة ، عن بكر بن عمرو ، عن بكير ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلا جاءه فقال : يا أبا عبد الرحمن ، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } إلى آخر الآية ، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه ؟ فقال : يا ابن أخي أعير بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أعير بهذه الآية التي يقول الله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } إلى آخرها . قال : فإن الله يقول : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } قال ابن عمر : قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلا ، فكان الرجل يفتن في دينه : إما يقتلوه ، وإما يوثقون ، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة . فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال : فما قولك في علي وعثمان ؟ قال ابن عمر : ما قولي في علي وعثمان ؟ أما عثمان فكان الله قد عفا عنه ، فكرهتم أن يعفو عنه ، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه – وأشار بيده – وهذه ابنته/ – أو بنته – حيث ترون .

( الصحيح 8/160 ح 4650 - ك التفسير - سورة الأنفال ، ب الآية ) .

وانظر حديث : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله . . . ) في سورة التوبة آية ( 5 ) .

وقال البخاري : حدثنا عثمان ، قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما القتال في سبيل الله ؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا ويقاتل حمية . فرفع إليه رأسه – قال : وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما – فقال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل ) .

( الصحيح 1/268 ح 123 – ك العلم ، ب من سأل وهو قائم عالما جالسا ) .

قال ابن ماجة : حدثنا سويد بن سعيد ، ثنا علي بن مسهر ، عن عاصم ، عن السميط بن السمير ، عن عمران بن الحصين ، قال : أتى نافع بن الأزرق وأصحابه . فقالوا : هلكت يا عمران ! قال : ما هلكت ؟ قالوا : بلى . قال : ما الذي أهلكني ؟ قالوا : قال الله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } قال : قد قاتلناهم حتى نفيناهم ، فكان الدين كله لله ، إن شئتم حدثتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد بعث جيشا من المسلمين إلى المشركين ، فلما لقوهم قاتلوهم قتالا شديدا ، فمنحوهم أكتافهم . فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح ، فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، إني مسلم . فطعنه فقتله . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! هلكت . قال : ( وما الذي صنعت ؟ ) مرة أو مرتين . فأخبره بالذي صنع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه ؟ ) . قال : يا رسول الله ! لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه ؟ قال : ( فلا أنت قبلت ما تكلم به ، ولا أنت تعلم ما في قلبه . . . ) .

( سنن ابن ماجة 2/1296 ح 3930 – الفتن ، ب الكف عمن قال لا إله إلا الله ) ، قال البوصيري : هذا إسناد حسن ، عاصم هو الأحول روى له مسلم . والسميط : وثقه العجلي وروى له مسلم في صحيحه ، وسويد بن سعيد مختلف فيه ( مصباح الزجاجة 3/222 ) ، وقد أخرجه أيضا ابن ماجة من غير طريق سويد من طريق حفص بن غياث عن عاصم به رقم 3931 . ولذا حسنه الألباني ( انظر صحيح ابن ماجة 2/348 ) .